كانت بنت جبيل أمس على موعد مع عرس الشهادة الذي تجسد بإرتقاء ثلاثة أشخاص هم: الشاب إبراهيم بزي وزوجته شروق وشقيقه علي، ومع جريمة مروعة جديدة إرتكبها العدو الاسرائيلي بقصف منزلهم إمعانا منه في قتل المدنيين وتدمير بيوتهم على رؤوسهم خلافا لكل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية التي تضربها إسرائيل بعرض الحائط من دون حسيب دولي أو رقيب أممي.
الشهيد إبراهيم بزي يحمل الجنسية الاسترالية، وهو هاجر الى أستراليا قبل سنوات بهدف العمل والانتاج وتكوين مستقبله ومساعدة عائلته، وقد تزوج قبل فترة من الشهيدة شروق وباشر بإنجاز أوراقها تمهيدا للانتقال معه الى أستراليا للعيش معا.
مع بدء العدوان الاسرائيلي الغاشم على الجنوب اللبناني بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، إستشعر إبراهيم الخطر على عائلته التي تقطن في بنت جبيل، وخصوصا زوجته التي كانت تنتظره، فغادر أستراليا متوجها الى لبنان للإطمئنان على العائلة، ولإصطحاب زوجته شروق معه للإنطلاق في حياة جديدة هناك، لكن الإجرام الصهيوني الذي لم يشبع بعد من دماء المدنيين في غزة ولبنان، قطع الطريق على بناء عائلة جديدة، وإستهدف دارة عائلة بزي في بنت جبيل والمؤلفة من طابقين بطائرة حربية معادية، ما أدى الى تدميره بالكامل وإستشهاد إبراهيم وشروق اللذين شاء القدر أن يبدلا وجهتيهما من أستراليا الى ربوع الشهادة، إضافة الى الشقيق علي، فيما نجا الوالد وسائر أفراد العائلة بأعجوبة.
فاجعة عائلة بزي أرخت بثقلها على الجنوب وعلى سائر المناطق اللبنانية، وشكلت صدمة كبرى في صفوف رفاق وأصدقاء الشهيد إبراهيم في أستراليا والذين كانوا ينتظرون عودته إليهم سالما، الأمر الذي سيضاعف من حجم الغضب لدى الجالية اللبنانية والجاليات العربية في أستراليا حيث ومنذ بدء العدوان على غزة يستعدون في كل أسبوع لتنظيم تظاهرات كبرى في المدن الاسترالية بمشاركة عشرات الآلاف الذين يملأون الساحات في سيدني ومالبورن وغيرهما تنديدا بالعدوان الاسرائيلي على غزة، وإحتجاجا على إستهداف المدنيين في لبنان.
لا شك في أن ما تقوم به إسرائيل من توسيع عدوانها على لبنان وإستهداف المزيد من المدنيين في البلدات والقرى الجنوبية، يُظهر حجم المأزق الذي تعيشه لا سيما بعد فشل كل أهداف الحرب على غزة الصامدة رغم كل ما لحق بها من دمار ومن خسائر بشرية، وبعد الفشل في إستدراج المقاومة الاسلامية في لبنان الى حرب مفتوحة تساهم في إطالة أمد الحياة السياسية لنتنياهو الذي ينتظر الداخل الاسرائيلي قبل الخارج أن يتحول الى جثة سياسية.
وفي هذا الاطار، بات لدى الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها قناعة بأن حكومة الاحتلال لن تستطيع أن تحقق أي إنجاز في غزة، وأن ليس من مصلحتها الدخول في حرب مفتوحة مع لبنان.
لذلك، فإن الجهود تنصب على منح الكيان الغاصب إنجازا وهميا أو إعلاميا لحفظ ماء الوجه قبل قرار وقف إطلاق النار الشامل، في حين أن الرغبة الأميركية في عدم إستدراج لبنان الى حرب ليس بالضرورة أن تتحقق خصوصا أن حماقة الاسرائيليين في إستهداف المدنيين وتوسيع العدوان، قد تجبر المقاومة على الرد العنيف كما حصل أمس في كريات شمونة بعد تشييع شهداء بنت جبيل، ما قد يؤدي في حال إستمرار هذه الاستفزازات الصهيونية الى تدحرج الأمور الى ما يُحمد عقباه، والى ما لا يصب في مصلحة أميركا التي بدأت تشعر بالتهديد الفعلي لمصالحها في الشرق الأوسط.
Related Posts