بايدن “ينقلب” على نتنياهو.. وغزّة تتهيّأ لإعلان النّصر!.. عبدالكافي الصمد

يبدو أنّ الأيّام الـ67، منذ عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السّابع من تشرين الأوّل الماضي في قطاع غزّة، كانت كافية لاعتراف دولة الكيان الصهيوني وداعميها بأنّهم خسروا الحرب التي شنّوها على القطاع، وقتلوا فيها بإجرام منقطع النظير نحو 20 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، وتهجير أكثر من نصف سكّان القطاع البالغ عددهم قرابة مليوني و200 ألف نسمة، وتدمير أكثر من 100 ألف منزلا، فضلاً عن تدمير منشآت مدنية ودينية كالمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس.

فالكلام الذي قاله الرئيس الأميركي جو بايدن مساء أمس أكّد ذلك بشكل واضح لا يقبل الشّك، وفاجأ به ليس الأميركيين فقط، بل العالم كلّه وعلى رأسه دولة الكيان الصهيوني ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، أعطى إشارة دلّت على انفجار الخلاف بين بايدن ونتنياهو على خلفية نظرة كلّ منهما في الحرب على غزة، وعن أنّ نتنياهو سيواجه عاصفة هوجاء من الإنتقادات في داخل الكيان، وأنّ الإنقسام الداخلي في إسرائيل ستظهر تداعياته وارتداته أسرع ممّا يظنّ البعض.

فبعد الكلام الذي أصرت عليه إدارة بايدن وحلفائها في العالم عن أنّ عدوان إسرائيل على غزّة هو “دفاع عن النفس وأنّها تمارس هذا الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة إرهابيين”، وتقديم دعم غير محدود لها للإستمرار في ارتكاب جيش الإحتلال مجازره وجرائمه، وتواصل خطوط الإمداد العسكري جوّاً وبحراً بلا انقطاع، خرج بايدن أمس من البيت الأبيض بموقف يشبه “الإنقلاب” على مواقف الإدارة الأميركية ليفجّر قنبلة من العيار الثقيل عندما رأى أنّ “إسرائيل بدأت تفقد الدعم بسبب القصف العشوائي على غزة”، متهماً حكومة نتنياهو بأنّها “لا تريد حلّ الدولتين” ومعتبراَ أنّه على نتنياهو “تغيير حكومته لإيجاد حلّ طويل الأمد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

هذا الكلام المستجد من الإدارة الأميركية الداعم الأول والرئيسي لدولة الكيان لم يأتِ من فراغ، ولم يكن نتيجة إقتناع إدارة البيت الأبيض عن طيب خاطر ومن مبدأ إنساني أو التزام بالقوانين الدولية، بل جاء أولاً نتيجة صمود المقاومة واستبسالها في القطاع، وثانياً نتيجة تضامن عالمي غير مسبوق مع القضية الفلسطينة ومطالبة إسرائيل بوقف عدوانها على غزّة، سواء في شوارع مدن أميركا وأوروبا والعالم التي شهدت مسيرات تضامنية شبه يومية في هذا المجال اتهمت فيها إسرائيل بارتكابها مجازر تفوق مجازر النازيين، أو في تفاعل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي التي شكّلت وسيلة ضغط هائلة على إدارة بايدن وحلفاء الولايات المتحدة في العالم، ما جعل مصالحهم في العالم مُهدّدة على نحو جدّي.

من الأمثلة الواضحة على ذلك أنّ مفوض السّياسات الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل صرّح مؤخّراً أنّ “الدمار في قطاع غزّة أكبر من الدّمار الذي تعرّضت له المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية”، ومؤكّداً أنّه “لن نقبل بتهجير المواطنين من قطاع غزة، ولا بسيطرة إسرائيل على القطاع”؛ وهو موقف إتخذته مثله دول كندا وأوستراليا ونيوزيلندا على سبيل المثال لا الحصر.

تفاعل الدّاخل اللبناني مع هذه التطورات لم يتأخّر سريعاً. النائب في كتلة الوفاء للمقاومة إبراهيم الموسوي علّق قائلا: “إنتظروا المفاجأة الكبرى، الوعد الإلهي! وكان وعداً مفعولاً”. أمّا رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم فقال: “لجميع الواهمين. أهل غزّة لن يهجروا مدنهم ومخيماتهم وبيوتهم. وأهل الجنوب لن يهجروا إلى ما وراء الليطاني. هذا زمن مضى، مضى من زمان. الآن جاء دور المستوطنين الصهاينة لكي يهاجروا من فلسطين. ومن يعش يرى”.

غزّة التي رفضت أن ترفع الراية البيضاء مهما يكن، تتهيأ ومعها كلّ فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم الحرّ لرفع راية النصر. هي مسألة وقت فقط.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal