كتبت صحيفة النهار تقول: ماذا يمكن حكومة تصريف الاعمال حتى لو كانت بكامل إنتاجيتها المتاحة وليس بواقعها المبتور بعد 11 شهراً من أزمة الفراغ الرئاسي وفي ظل الأوضاع الكارثية التي يواجهها لبنان أن تحصل في منتدى الأمم المتحدة راهناً؟ لعله السؤال الذي يرتبه أولًا تضخم “الخطر الوجودي” للنزوح السوري المتعاظم الى لبنان خصوصاً في الآونة الأخيرة والذي بات يحتم تحركاً دولياً للبنان يتجاوز كل المألوف بعدما تبين أن حجم الخطر فاق التقديرات الأشد تشاؤماً. ولذا اكتسب الإنذار القبرصي الذي صدر في الساعات الأخيرة منبهاً أوروبا من خطر “انهيار السد اللبناني” أمام ضخامة النزوح السوري بعداً استثنائياً في أهميته وتردد صداه الإيجابي بقوة في المناخات اللبنانية المأزومة إذ اعتبر أول إنذار من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي يضع دول الاتحاد في مواجهة مسؤوليتها الهائلة إن هي مضت في التعامل مع الكارثة اللبنانية بمنطق تبرير القصور الأوروبي والزعم بأن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة النازحين من بلدان الجوار.
ويفترض أن يكون ملف النزوح السوري الملف الأول الأساسي الذي سيثيره وفد لبنان الرسمي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعضوية وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب إلى نيويورك في اللقاءات التي سيجريها من خلال مشاركته في افتتاح الدورة الـ ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها. وقد غادر الوفد بيروت أمس على أن يشرع في إجراء لقاءات خلال وجوده في نيويورك على هامش أعمال الدورة.
في غضون ذلك برز إعلانُ قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، أنّها طلبت من التكتل مراجعة وضع سوريا، إن كانت ما زالت غير آمنة ولا يمكن إعادة طالبي اللجوء إليها. تأتي هذه الخطوة في أعقاب موجة من الهجمات ذات الدوافع العنصرية على الأجانب في الأسابيع الأخيرة، وسط تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في الجزيرة المتوسطية. ولفت وزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس يوانو إلى أنه سيحاول إقناع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإنهاء وضع سوريا كدولة غير آمنة لا يمكن إعادة اللاجئين إليها. وفي رسالة إلى نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريتيس سخيناس، قال يوانو إنه أثار أيضاً الحاجة الملحة لمساعدة لبنان الذي لجأ إليه نحو 2,5 مليون سوري. وأضاف: المعلومات المتوافرة لدينا من السلطات في لبنان هي أن هناك زيادة في عدد السوريين الذين ينتقلون إلى لبنان، ولبنان حاجز. إذا انهار لبنان، فستواجه أوروبا بأكملها مشكلة”.
وفي غضون ذلك ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كلمة في عشاء رعية سيدة لبنان في ملبورن حيث بدأ زيارته لأستراليا اعتبر فيها أن “جوهر مشكلتنا في لبنان هو انعدام ثقة المسؤولين ببعضهم البعض بكل أسف والشعب لم يعد يثق بلبنان لقد فقدوا الثقة لأنهم غير مخلصين لبعضهم البعض فلكل مصلحته المؤمنة وهم لا يريدون البحث حول الطاولة عن إيجاد حل لمشكلة لبنان وما من أحد بينهم يريد الخسارة. عند فقدان الثقة يكون الخطر كبيراً جداً، فهي عنصر أساسي في الحياة، إلا أنه مفقود في لبنان، وهذا أمر مؤسف جداً. ويبقى الأمر الأساسي المذكور في مقدمة الدستور، والذي ينص على أن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، ولكن للأسف أبناؤه ليسوا جميعاً للبنان وهذا أمر مخز. بالنسبة لنا ككنيسة ثقتنا كبيرة بلبنان وبجميع اللبنانيين ونعمل بشكل دؤوب للحفاظ على هذه الجوهرة في الشرق، ولا يمكننا على الرغم من كل الصعوبات أن نرمي سلاح الإيمان، ونعمل ليلاً ونهاراً للحفاظ على وطننا الذي جعله الله مميزاً في محيطه. ونحن ككنيسة وأكثر من أي وقت مضى، نثق بلبنان وبكل اللبنانيين، وعملنا دؤوب لتثبيت الثقة بين جميع اللبنانيين، ونحن نثق بلبنان وبشعبه وبقيادته”.
وفي الأصداء الداخلية لملف النزوح السوري حذر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص من أن “السياسة المعتمدة من قبل الغرب، وتحديداً أوروبا، بتغطية من الأمم المتحدة، في موضوع النازحين السوريين تمتاز بقصر النظر الواضح”. وأضاف، أن “محاولة إدخال أعداد إضافية من السوريين إلى لبنان تضاف إلى العدد المأساوي الحالي، ومحاولة منع لبنان من إعادة هؤلاء بدل مساعدته على ذلك، سيؤدي إلى انفجار لبنان ووقوع كارثة حقيقية ستحمل حتماً أعداداً كبيرة من السوريين إلى الدخول إلى أوروبا بأي طريقة كانت. لبنان بنظر الأوروبيين يشكل حاجزاً يمنع دخول السوريين إلى بلادهم، فاتهم أن هذا الحاجز سينهار قريباً، فتغرق أوروبا بالنزوح”. وختم، “أيها الأوروبيون ساعدونا في الضغط على الأسد لتنظيم العودة إلى المناطق الآمنة بدل الضغط علينا لقبول النزوح وتحمل أعبائه، وإلا فالكارثة لن ترحمنا ولن ترحمكم ولن ترحم الشعب السوري”.
أما في المشهد السياسي الداخلي فاختفت معالم الحركة السياسية تماماً غداة انتهاء زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت في وقت بدأ تسليط الأضواء على ما تردد عن زيارة يعتزم القيام بها موفد قطري لبيروت في مطلع الأسبوع. وما بدا لافتاً بدلالاته التي عزيت إلى صدمة الثنائي الشيعي بأن لودريان كرر في لقاءاته الدعوة الى الذهاب إلى “الخيار الثالث ” بما يثبت إنهاء مرحلة الدعم الفرنسي لترشيح سليمان فرنجية، أن نواب “حزب الله” وحركة “أمل” شكلوا غداة زيارة لودريان “جوقة” لترداد التمسك بالحوار وتحميل رافضيه مسؤولية تعطيل الاستحقاق. وفي السياق، أكد عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن أن “اللبنانيين ينتظرون أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ومن يتحمل تأخير الانتخاب هو من يرفض الحوار والتفاهم، ويصرّ على تحقيق أجندة ليست في مصلحة لبنان، بل هي في مصلحة المطالب الأميركية من لبنان”.
بدوره، أشار نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن “اليوم الطريق الوحيد الإيجابي والمفتوح أمام انتخاب رئيس للجمهورية هو طريق الحوار وهذا الطريق هو طريق حوار ليس مرتبطاً للوصول إلى نتيجة، وإن كان الأفضل أن يصل إلى نتيجة، فقط أن نجلس معاً لنتحاور لأننا سنعيش في البلد معاً، ألا يمكن أن نتحدث مع بعضنا؟ وهذا يفتح الطريق أمام انتخاب الرئيس. اليوم كل من يرفض الحوار مسؤول عن الخلل والتدهور وتأخير انتخابات رئيس الجمهورية. قد يكون الحوار لمجرد أن نتحاور وقد لا نصل إلى تفاهم، أما بالعناد والتحدي والتعطيل لن يكون لبنان لكم ونحن لا نريد لبنان لنا وحدنا بل لكل أبنائه، ومن دون خطة إنقاذ لا يمكن إعادة حقوق المودعين وإنقاذ المدارس الرسمية والجامعة ومعالجة الصحة والاستشفاء وتوفير العدل وتحقيق التنمية والاقتصاد وتحرير الأرض، وهذا يحتاج إلى رئيس لا إطالة أمد الفراغ بالأنانية يمكن أن يحقق الأهداف، ولا محاولة الاستحواذ على السلطة يمكن أن تؤدي إلى انتخاب رئيس”. أضاف “الأحجام القيادية والسياسية معروفة، ولن يتمكن المتوترون وأصحاب التصريحات اليومية عالية السقف إلا التدهور والخراب ونحن نريد مع الشرفاء إعمار البلد وإنقاذه، يبدو أن الأمور لم تنضج بعد، ولكن الوقت لن يأتي بالمعجزات، كل وقت نخسره يزيد الخسائر بلا فائدة. أتمنى أن يستيقظ ضمير هؤلاء المعاندين من أجل أن يتعاونوا مع أبناء وطنهم لإنجاز هذا الاستحقاق”.
بدوره، رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب حسين خريس أن “من يرفض الحوار خاصة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، لا يريد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو يسعى لإبقاء أزمة البلد مفتوحة، لا سيما وأن أزمات البلد تتفاقم أكثر فأكثر، لذلك نؤكد أن الوقت ليس لمصلحة أحد، فتعالوا إلى كلمة سواء، واستجيبوا إلى دعوة الرئيس بري لأجل الحوار وانتخاب رئيس للجمهورية”.
Related Posts