قصيدة اليوم “ظلال غربة” شعر بدوي الحاج

في مبادرة لإدارة جريدة ″سفير الشمال″ اللبنانية بالتعاون مع مكتبها في سيدني أوستراليا تنشر يومياً قصيدة لأحد شعراء الإغتراب في أوستراليا، وذلك للمساهمة في نشرها لقرأئها المنتشرين حول العالم.

ظِلالُ غُربَة

ماذا يُرِيد هؤلاء القَوْم ؟!
يَعودونَ بِاستِمرار
لِـيَتَفَقَّدوا شَجَرَةَ اللَّوْزِ التي أَزهَرَتْ،
في الحَقلِ، خَلْفَ البيتِ الحَزين ..
لِـيَتَفَقَّدوا دالِيَةَ العِنَب
التي أَحنَتْ ظَهرَها السُّنون .
يَعودونَ من سَفَرِهِم الطَّويل،
لـِيُجالِسوا بُرعُمَ الحائطِ
ونَفيرَ النَّحلِ عِنْدَ المَغيب .
لِـيُجالِسوا النّهرَ
ويَغفَوْا على أنغامِ خَريرِه ..
لِـيَتَذكَّروا الوجوهَ، كلّ الوُجوهِ
فَـيُتَمتِمونَ بِبِضعِ كَلِمات ويَذرفون .
حَنينٌ كالسّرابِ .. دَفِين .

لا يَهُم من أينَ أتى هؤلاء !
أَتَـوْا من كُلِّ حَدْبٍ
أَتَـوْا مع الرِّيح، أتَـوْا مع المَطَر
بِاتِجاهِ الوَرَقِ الأصفَر
لا أكثَر
كَأجنِحَةِ السُنونوات العائِدة في أيلول،
كَاللَّحنِ الغَريب .
مَجموعاتٌ، مَجموعاتٌ كَوَرَقِ الصَّفصاف
في الخَريف .
يَتَثاءَبونَ قليلاً ثمَّ يَرحَلون ..

يَرحَلونَ كالطّيورِ المُندَفِعة
مُندَفِعةً تَستَقبِلُ الرّيح
صَوتُها المَدى
دونَ وداعٍ
دونَ مَوعِدِ لِقاء .

أيُّها الطّائرُ،
أنا وأنتَ غَريبان
نَتَمايَلُ كُلّما ارتَعَشَ النّسيمُ
على الغُصنِ المُمتَدِّ إلى خارجِ الغابَة ..
لا تَعرِفُنا الطُّيورُ الأُخرى
ولا الجَداوِل وبقيّة الورود .
أيُّها الطّائرُ،
غَرِّدْ
فَإنَّ الطُّيورَ التي لا تُغَرِّد تَموت .



Related Posts


Post Author: SafirAlChamal