إخراج فرنسي – سعودي لمهمة لودريان.. طروحات للنقاش وليس استطلاعاً!.. غسان ريفي

مع انطلاق مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال انه كان “صريحا وجيدا” بدأت بعض ملامح هذه المهمة بالظهور لتدحض الآراء التي تقول انها استطلاعية، حيث بدا من شكل اللقاء ومضمونه ان لودريان يحمل أفكارا وطروحات لتقديمها الى الاطراف المعنية بالملف الرئاسي، بهدف الوصول الى قواسم مشتركة حول المرشح الذي ستفتح امامه طريق قصر بعبدا.
في الشكل، فإن اللقاء بين الرئيس بري ولودريان استمر ساعة كاملة ما يشير الى انه تضمن نقاشات حول الافكار التي يحملها، اما في المضمون فإن التصريح المقتضب للرئيس بري الذي لم يعتد التصريح بعد لقاءاته، يؤكد انه مرتاح جدا لما سمعه من المبعوث الفرنسي الذي لم يضيّع أي وقت وانتقل من المطار مباشرة الى عين التينة ما يشير الى الاصرار والجدية لدى الفرنسيين في ايجاد الحلول للأزمة اللبنانية.
الفرنسيون باتوا على اطلاع بأدق التفاصيل المتعلقة بالملف الرئاسي وهم تابعوا جلسة 14 حزيران باهتمام بالغ، كما انهم تجاوزوا مرحلة الاستطلاع خصوصا انهم استقبلوا في باريس رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، والنائب بيار بو عاصي ممثلا القوات اللبنانية والبطريرك الماروني بشارة الراعي وغيرهم ما مكنهم من تجميع المعلومات المطلوبة والتي على اساسها تم وضع الافكار التي يحملها لودريان.
والواضح انه تم صياغة هذه الافكار بين الرئيس إيمانويل ماكرون والامير محمد بن سلمان ما يؤكد انها نتاج فرنسي سعودي وبموافقة إيرانية خصوصا ان وزير الخارجية الامير فيصل بن فرحان وبالتزامن مع وجود بن سلمان في باريس حضر الى العاصمة الفرنسية وغادر الى طهران للقاء وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، ثم عاد بعد ذلك الى باريس.
وبالتزامن مع انطلاق مهمة لودريان، يبدو ان لبنان تمكن من تصدير خلافاته الى اللجنة الخماسية والتي ترجمت في الجلسة رقم 12، وهي ما تزال مستمرة، خصوصا بعدما ثبت في الوجه الشرعي أن بعض الاطراف تريد استمرار الشغور على أمل تبدّل المناخات الاقليمية التي من شأنها إحياء الفرص الرئاسية مجددا لا سيما بالنسبة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اللذين ما يزال نوابهما يروجون بأنهما الأحق بالرئاسة، ما يؤكد ان المفتاح الاساسي للاستحقاق الرئاسي هو اقتناع باسيل وجعجع باستحالة وصولهما الى قصر بعبدا.
وينعكس الانقسام اللبناني المنسحب على اللجنة الخماسية، في ان بعض الاطراف اللبنانية تعتبر فرنسا طرفا في المعركة الرئاسية كونها تقف في صف سليمان فرنجية، وهذا ما دفع سمير جعجع الى اتهام باريس بأنها تدخل في صفقة مع حزب الله الامر الذي اغضب الفرنسيين بعد غضب السعوديين على رفض رئيس القوات قراءة التطورات الايجابية في المنطقة.
تقول مصادر سياسية مطلعة ان موقف فرنسا لم يتبدل تجاه الرغبة بوصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وذلك ليس حبا به، وانما بناء على قراءة موضوعية لتطورات المنطقة ودور لبنان فيها، وان فرنسا تتقاطع مع السعودية في هذه القراءة، لكن الرغبة والقراءة الموضوعية شيء والهستيريا السياسية اللبنانية شيء آخر، لذلك فإن لودريان سيفتش في لقاءاته على قواسم مشتركة يمكن ان تؤسس لحوار جدي وبناء قد تساهم التسوية الخارجية المنتظرة في بلورته وترجمته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal