جفاء مسيحي مع ″الأم الحنون″.. فرنسا على موقفها ولودريان يُمهّد للتسوية!.. غسان ريفي

إصطدم المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بالانقسام اللبناني العمودي الذي تُرجم بقراءة مهمته بحسب تمنيات التيارات السياسية التي حاول بعضها تجييرها لمصلحته، فيما سعى البعض الآخر الى تصفية حساباته مع فرنسا بالتخفيف من شأن الزيارة والايحاء بفشلها، وصولا الى “تقويل” لودريان ما لم يقله إٍستكمالا لمحاولات قطع الطريق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي خصه لودريان بغداء عمل إستمر لساعتين.

واجه لودريان أمس خلافات الرئاسة اللبنانية المستعصية، والتي لا يمكن إيجاد أية حلول لها في زيارة واحدة، فأعلن أنه سيعاود زيارته الشهر المقبل، وربما يكون له أكثر من محطة في لبنان، على أمل الوصول الى قواسم مشتركة قد تساهم فيها نضوج التسوية التي من المنتظر أن تبصر النور وتشمل المنطقة ككل، ومن ضمنها لبنان.

بدا واضحا أن لودريان شعر بجفاء مسيحي، لا سيما من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بإعتبار أن “الأم الحنون” تميّز بين أولادها وتقف الى جانب فرنجية إنطلاقا من قناعتها بأنه الأنسب للمرحلة المقبلة والأكثر قدرة على محاكاة التطورات الايجابية في المنطقة.

إرتفع منسوب السيادة لدى جعجع الذي كان حتى الأمس القريب رجل السعودية الأول في لبنان قبل أن ينقلب على توجهاتها، فأكد بعد لقائه لودريان أن “بيت القصيد ليس عند الأميركي والفرنسي والسعودي والايراني بل هو لدى 128 نائبا لو شدوا حالهم شوي كانوا إنتخبوا رئيس للجمهورية”، محاولا بذلك عرقلة الدور الفرنسي والتخفيف من شأنه بعدما تأكد أن فرنسا لم تبدل موقفها من الاستحقاق الرئاسي ومن رغبتها بوصول فرنجية وهي أقنعت السعودية بوجهة نظرها لكن البلدين يحرصان على عدم دعمه بشكل علني لكي لا يُستخدم ذلك ضده.

أما باسيل الممتعض من فرنسا لعدم قيام أي مسؤول لا سيما الموفد الرئاسي السابق باتريك دوريل باستقباله عندما كان في باريس، فقد حرص مع النائب ندى البستاني على سماع ما يريدانه من لودريان، وقد سارعت “اليد اليمنى” لرئيس التيار الى كشف وقائع الجلسة لقناة “الجديد”، مؤكدة أن لودريان أبلغ باسيل بأن “فرنسا طوت صفحة فرنجية وأنها وضعت لائحة أسماء جديدة من بينها جهاد أزعور”، لكن ما لم تتنبه له البستاني أن لودريان وقبل وصوله الى البياضة أمضى ساعتين كاملتين مع سليمان فرنجية في قصر الصنوبر على غداء عمل أقامه على شرفه بحضور نجله النائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي والسفيرة آن غريو، وأن فرنجية الذي كان له حصة الأسد من زمن اللقاءات، شكر لودريان على دعوته، معتبرا أن “اللقاء كان إيجابياً والحوار بناءً للمرحلة المقبلة”.

قد يكون طبيعيا أن يعلن لودريان أنه لا يحمل مبادرة جديدة، وأنه يريد الاستماع الى التيارات السياسية وهواجسها، لأنه بات واضحا أن فرنسا لم تتخل كما يحاول أن يروّج البعض عن فرنجية وهي مستمرة في مبادرتها القديمة بشقها المتعلق برئاسة الجمهورية بتوافق مع السعودية، وما جولة لودريان سوى ترجمة لقول الرئيس ماكرون للبطريرك بشارة الراعي عندما كان في ضيافته في الاليزيه قبل أسبوعين بأن “على المسيحيين أن يقرأوا التطورات الايجابية التي شهدتها المنطقة”.و

تشير المعلومات الى أن لودريان الذي بحث مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووفد حزب الله وسليمان فرنجية في كيفية تذليل العقبات وضرورة الحوار، إستفاض أمام جعجع وباسيل في الحديث عن المصالحات والتفاهمات التي شهدتها المنطقة مؤخرا وترجمت في القمة العربية في جدة بحضور الرئيس السوري بشار الأسد بعد عودته الى جامعة الدول العربية.

ترى مصادر سياسية مطلعة أن زيارة لودريان قد تحمل تأويلات وتحليلات كثيرة، لكنها كانت واضحة بالشكل والمضمون بأن فرنسا على موقفها، خصوصا أن مبادرة دعوة فرنجية الى غداء عمل في قصر الصنوبر، ذكّرت الكثيرين بدعوة السفير وليد البخاري لفرنجية على الفطور في دارته الموجودة ضمن حرم السفارة السعودية، وبالتالي فإن لودريان والبخاري لا يتصرفان من تلقاء نفسيهما!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal