عندما دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، مطلع شهر أيّار الجاري، إلى ضرورة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 15 حزيران المقبل، كان يُعوّل على أن تسهم القمّة العربية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض يوم الجمعة الماضي، في 19 أيّار الجاري، في إزالة ما أمكن من عوائق أمام هذا الإستحقاق، وبأن تكون القمّة فرصة لتلاقي وتفاهم اللاعبين السياسيين المؤثّرين في السّاحة اللبنانية، السّعودية وسوريا من بين الحاضرين، فضلاً عن إيران والولايات المتحدة، بالمساعدة على إنجاز التسوية الرئاسية عقب القمّة مباشرة، خلال فترة زمنية لا يُفترض أن تتجاوز منتصف الشّهر المقبل.
إنطلقت حسابات برّي حيال الموعد الذي ضربه من جملة إعتبارات، أوّلها أنّه يجب إغتنام التداعيات الإيجابية للقمّة العربية فوراً، لأنّ أيّ تأخير قد يُفوّت فرصة لا يمكن تحصيلها ثانية، ولمنع دخول المتضرّرين على الخط لإجهاض “التفاهم” و”التسوية” الرئاسية، والإنعكاسات الإيجابية للقمّة.
ثاني هذه الحسابات هو الوقت الضاغط من هنا حتى نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أواخر شهر تمّوز المقبل، ولأنّه يجب تعيين بديل عنه خلال هذه الفترة قبل الدخول في فراغ جديد، وأكثر خطورة، من الفراغ في منصب الرئاسة الأولى.
إذ يرى برّي أنّه إذا ما جرى إنتخاب رئيس جديد قبل 15 حزيران، فإنّه يمكن خلال الفترة المتبقية من ولاية الحاكم، إذا صدقت النيّات وسارت الأمور بشكل سلس وطبيعي وإيجابي، تشكيل حكومة العهد الأولى، حيث تعمل هذه الحكومة حينذاك على تعيين الحاكم الجديد؛ وقد أبدى برّي تمسكه بهذا السيناريو إنطلاقاً من موقفه بأنّه “لا يجوز تعيين حاكم للمصرف في ظلّ غياب رئيس الجمهورية”.
بالطبع ليس الهدف من وراء ذلك ملء منصبين رفيعين عائدين للطّائفة المارونية، رئيس الجمهورية وحاكم المصرف، بل لأنّ تعذّر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية تحت أيّ ذريعة أو سبب، يعني أنّ تعيين حاكم جديد للمصرف غير ممكن في ظلّ الكباش السّياسي السّائد وعدم التوافق على تعيين حكومة تصريف الأعمال الحالية بهذه المهمّة لأهداف ومبرّرات مختلفة، ما يفتح المجال أمام عدم إستقرار سياسي، ومالي أيضاً، كما أنّه سيفاقم من وضع العملة اللبنانية وسيزيدها تدهوراً وانحداراً وانخفاضاً في قيمتها.
أمام هذه المخاطر المحتملة والمتوقع حصولها خلال الأيّام المقبلة إذا استمرت المراوحة على حالها، خرجت تسريبات تحدثّت عن احتمال أن يدعو برّي إلى عقد جلسة إنتخاب مطلع حزيران المقبل، وتحديداً الخامس منه، لكنّ أيّ تأكيد أو نفي لم يصدر بعد عن رئيس المجلس، لأنّه لا يريد الدعوة إلى جلسة لا يضمن فيها إنتخاب الرئيس، كون أيّ جلسة ستعقد وتكون مشابهة للجلسات الـ11 السّابقة من حيث “التفاهة” و”المراهقة” السّياسية، يعني أنّ الإيجابيات التي عوّل عليها كثيرون لم تكن سوى أضغاث أحلام.
Related Posts