ماذا ينتظر لبنان للتواصل مع سوريا؟… عبد الكافي الصمد

حتى قبل شهرين وبضعة أيّام، كانت كلّ محاولات إقناع لبنان الرسمي، حكومة وهيئات رسمية، بالتواصل مع الحكومة السّورية لمناقشة ومعالجة المشاكل والقضايا العالقة بين البلدين مصيرها الفشل، بعدما اختار المسؤولون في لبنان البقاء بعيداً عن فتح قنوات إتصال مع الحكومة السّورية بسبب وهم كانوا يعيشونه، مفاده أنّ غضباً عربياً ودولياً عارماً سينزل فوق رؤوسهم إنْ تقدموا خطوة في العلاقات تجاه دمشق.
لكنّ هذا الوهم الذي يشبه ذاك “المريض الوهمي”، كما ورد في مسرحية الكاتب الفرنسي الشّهير موليير، سرعان ما سقط سقوطاً مدويّاً في 10 آذار الماضي، عندما استفاق اللبنانيون والعالم على مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت في تقارب سعودي ـ إيراني من العاصمة الصينية بكّين، واتفاق البلدين على إعادة علاقاتهما الديبلوماسية بعد قطيعة إستمرت لسنوات.
وقبل أن يستفيق المسؤولون اللبنانيون، أو بعضهم، من ،هول الصدمة غير المتوقعة بالنسبة لهم، وكأنّهم كانوا ينتظرون أن تخبرهم قيادة المملكة مسبقاً بأيّ خطوة تريد القيام بها، كي يبنوا حساباتهم السّياسية على أساسها ولا يظهرون مثل “الأطرش في الزفّة” وفق المثل الشّائع، وحفاظاً على الحدّ الأدنى من ماء وجوههم، تلقوا صدمة ثانية تمثلت في عودة العلاقات الديبلوماسية بين سوريا والسّعودية، واستعادة دمشق مقعدها في جامعة الدول العربية، قبل أن يختتم المشهد يوم أمس بحضور الرئيس السّوري بشّار الأسد القمّة العربية في الرياض، ليكون فيها نجماً فوق العادة.
حتى يوم أمس كان المسؤولون في لبنان ما يزالون يدورون حول أنفسهم بما يتعلق بكيفية تواصلهم مع الحكومة السّورية، لمناقشة ومعالجة ملفات وأزمات كثيرة عالقة بين البلدين، من أزمة النّازحين، إلى ضبط الحدود ومنع التهريب، إلى جانب معالجة أزمات سياسية واقتصادية وإجتماعية تفاقمت في السنوات الأخيرة، فضلاً عن ضرورة إحياء “معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق” بين لبنان وسوريا، وتفعيل المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري مجدّداً، إستنادا إلى “العلاقات المميزة” بين البلدين التي أقرّها إتفاق الطائف، وهي علاقات تتجاوز الإطار الرسمي والقانوني لاتصالها بالتاريخ والجغرافيا وعلاقات حسن الجوار بين الدولتين.
ومع أنّ أغلب الدّول العربية إستعادت علاقاتها الطبيعية مع سوريا، إستناداً إلى كونها دولة محورية في المنطقة وتربطهم معها مصالح وعلاقات مختلفة، فإنّ لبنان الرسمي بقي متفرجاً على ما يجري حوله، من غير أن يبادر ولو على حياء في “إعادة الحياة” إلى خط بيروت ـ دمشق، وتجاوز المصالح الضيّقة والخلافات الشّخصية، ينتظر بأن تبادر جهة ما، كما جرت العادة، للإمساك بيده ومساعدته في القيام بهكذا خطوة، ما يثبت أنّه بلد ما يزال قاصراً عن القيام بواجباته تجاه شعبه وتجاه الآخرين.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal