وصف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القمة العربية في جدة بـ قمة ″تضميد الجراح″، ووضع أصابعه على الجراح اللبنانية في الكلمة التي ألقاها ونقل عبرها الهموم والهواجس لشعب بات يفتقد للمقومات الاساسية المعنوية والمادية التي تمكنه من الصمود، مذكرا القادة العرب بالآية الكريمة “سنشد عضدك بأخيك”، ومخاطبا إياهم بالقول: “فشُدُّوا أيها الأشقاء عَضُدَ لبنان الذي سيبقى برعايتكم، وكما عهدتموه، جامعا للعرب”.
ركز ميقاتي في الكلمة التي ألقاها بإسم الجمهورية اللبنانية على عدة نقاط تلخص المعاناة التي يعيشها أبناء وطن الأرز أبرزها:
أولا: طرح قضية عودة النازحين السوريين الى بلدهم بحضور الرئيس السوري بشار الأسد والتأكيد على أن تحقيقها يتطلب تضافر الجهود العربية، ومؤازرة المجتمع الدولي، والتواصل والحوار مع الشقيقة سوريا في اطار موقف عربي جامع ومحفّز عبر مشاريع بناء وانعاش للمناطق المهدّمة لوضع خارطة طريق لهذه العودة، مذكرا الجميع في الوقت نفسه أن لبنان لم يتوان يوما عن فتح أبوابه للنازحين وتأمين حسن إستضافتهم..
وينطلق ميقاتي في هذا الطرح بعد نجاح اللجنة الوزارية ـ الأمنية التي يترأسها في توحيد الرؤية اللبنانية حول قضية النازحين الذين سيتم التعامل معهم وفقا للمقررات التي صدرت عن اللجنة وإطلعت عليها الأمم المتحدة والمفوضية العليا للاجئين وأشادت بها، ما قد يُسهّل إنجاز هذه العودة التي سيستأنفها لبنان ومن المفترض أن تستكمل عندما تتحقق مطالب الرئيس ميقاتي في هذا الاطار.
ثانيا: طرح ميقاتي لمسألة الشغور الرئاسي المستمر منذ سبعة أشهر والتي زادت من الأزمات في لبنان، وتشديده على ضرورة إنتخاب رئيس جديد للبلاد، وهذا ما تبناه إعلان جدة في البند المتعلق بلبنان والذي حث الأطراف على التحاور وإنتخاب رئيس يرضي طموحات اللبنانيين ويؤدي الى إنتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الاصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة.
ثالثا: سعي رئيس الحكومة الى تحصين اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج من خلال تقديم الشكر لها على الرعاية والاحتضان، والتأكيد أن هؤلاء يشكلون رافدا ماليا مهما لعائلاتهم في لبنان.
رابعا: تطمين العرب بشكل حاسم وحازم وبإسم كل لبنان، لجهة إحترام مصالح الدول الشقيقة وسيادتها وأمنها الاجتماعي والسياسي، ومحاربة تصدير الممنوعات اليها وكل ما يسيئ الى الاستقرار فيها، وهو إلتزام بدأه الرئيس ميقاتي مع صدور الورقة الكويتية وكان له أثرا إيجابيا لدى دول الخليج وخصوصا السعودية التي أشادت خارجيتها في حينها بالجهود التي يبذلها رئيس الحكومة، وأعلنت عن إعادة وصل ما إنقطع مع لبنان.
خامسا: الاشادة بالتعاون العراقي مع لبنان في مجال الطاقة، والذي أثمر بعد لقاء ميقاتي مع رئيس الحكومة العراقية بزيادة كميات الفيول بما يزيد من ساعات التغذية الكهربائية، وتقديمه هذا التعاون كنموذج تمنى ميقاتي على الأشقاء العرب إعتماده والعودة سريعا الى لبنان.
سادسا: توجه ميقاتي الى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شخصيا في طلب المساعدة ليكون العضد لأشقائه في لبنان وأن تؤمن المملكة الرعاية الأخوية له ليتمكن من النهوض من جديد.
لا شك في أن الرئيس ميقاتي تمكن من تهيئة الأجواء العربية الداعمة للبنان في قمة جدة، لكن يبدو أن إعلان القمة وعلى قاعدة “ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم” قد ربط الافراج عن المساعدات بانتخاب رئيس للجمهورية، فهل تتلقف التيارات السياسية هذه الايجابيات أم أنها ستستمر في سلبياتها التي قد تغرقها وتغرق البلاد والعباد.
Related Posts