ذهب التفاؤل ببعض الشّخصيات والقوى السّياسية والمراقبين إلى حدود توقّع إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ ستة أشهر ونصف بالتمام والكمال، على خلفية التطوّرات والتصريحات والمواقف الأخيرة من الإستحقاق الرئاسي في الداخل والخارج، وبأنّ شهر حزيران المقبل، على أبعد تقدير، سيشهد قبل نهايته خروج الدّخان الأبيض من قاعة المجلس النيابي في وسط بيروت، إيذاناً بانتخاب الرئيس الـ14 للجمهورية، بعد 11 جلسة إقتراع لم تفضِ إلى أيّ نتيجة بسبب فقدان النصاب من الدّورة الثانية من الجلسات الإنتخابية.
المتفائلون باقتراب الفرج الرئاسي إستندوا في تطلعاتهم وآمالهم إلى جملة تطوّرات ومعطيات، أبرزها دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي قبل 15 حزيران المقبل، إستباقاً للفراغ المنتظر في منصب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنتهي ولايته مطلع تموز المقبل، واعتبار برّي أنّه “من غير المقبول تعيين حاكم جديد للمصرف في ظلّ غياب رئيس للجمهورية”، ما اعتبر إشارة مزدوجة من رئيس المجلس إلى رفضه تسلّم النائب الأول للحاكم، وسيم منصوري، وهو من الطائفة الشّيعية، المنصب ولو مؤقتاً، وإلى حثّه النوّاب والكتل والأحزاب على الذهاب إلى جلسة الإنتخاب بنيّة إنتخاب رئيس لا نيّة التعطيل، معتبراً أنّ استمرار الفراغ الرئاسي بعد نهاية ولاية سلامة “ستؤدي إلى الفوضى“.
وإلى جانب دعوة برّي جاء حَراك السفير السعودي في لبنان وليد البخاري والتقائه قيادات سياسية وروحية، كان أبرزها لقائه مع المرشّح الأبرز للرئاسة الأولى رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، ما اعتبر مؤشّراً على أن المملكة لا تضع “فيتو” على الزعيم الزغرتاوي كما يروّج حلفائها في لبنان، وهو ما أكده البخاري لأعضاء لقاء الإعتدال الوطني الذين التقاهم في وقت لاحق بعد لقائه فرنجية، وحضّه النوّاب على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت.
كلّ هذه التطوّرات في الدّاخل تزامنت وأعقبت تطوّرات إيجابية لافتة في المنطقة، من التقارب السّعودي ـ الإيراني، إلى عودة العلاقات إلى مجاريها بين سوريا والسّعودية، فضلاً عن استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية ودعوة رئيسها بشّار الأسد لحضور القمة بدعوة رسمية تلقاها من العاهل السعودي الملك سليمان بن عبد العزيز، ما جعل البعض يذهب في تفاؤله إلى احتمال عودة “السين ـ السين” مجدّداً، ما سيفكّ الإستحقاق الرئاسي من أسره.
لكنّ هذا التفاؤل لا يشمل الجميع، سياسيين وروحيين ومراقبين، لأنّ لبنان بلدٌ قائم على المفاجآت التي تحصل في آخر لحظة بفعل الصراع الداخلي الشرس بين قادة الموارنة في لبنان على زعامة الطائفة ورئاسة الجمهورية، فضلاً عن صراعات القوى المحلية والخارجية التي جعلت لبنان “ساحة” للتجاذبات، وهي صراعات أدّت في السّابق إلى دخول لبنان في نفق مجهول وذهابه نحو الفوضى، وليس هناك ما يمنع أن يتكرّر الأمر مجدّداً هذه المرّة إذا ركب البعض رؤوسهم، ما سيمنع الإستفادة من فرصة سانحة لإنهاء الفراغ الرئاسي، والذهاب نحو معالجة المشاكل والملفات الشّائكة التي أوصلت البلد إلى انهيار شامل.
Related Posts