ارقام مخيفة… الاطفال ينتحرون في هذا البلد العربي

كشفت وزيرة الأسرة التونسية، أمال موسى، الجمعة، أن البلاد تعرف تصاعدا لظاهرة الانتحار ومحاولة الانتحار، لا سيما وسط الأطفال، حيث وصل معدل الانتحار لدى هذه الفئة، خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، انتحارين في الشهر.

وكشفت موسى في افتتاح الملتقى السنوي لمندوبي حماية الطفولة، تسجيل 102 محاولة انتحار بمعدل 26 محاولة شهريّا بين يناير وإبريل 2023.

وقالت بحسب بيان نشرته الصفحة الرسمية للوزارة إن 80 بالمائة من محاولات الانتحار في صفوف الأطفال، كانت من قبل إناث.

في السياق، أعلنت الوزيرة عن شروع الوزارة في إنجاز “دراسة علميّة معمّقة حول محاولات الانتحار لدى الأطفال”.

وأول أمس، الأربعاء، انتحر تلميذ مراهق بمعهد في القيروان، ما جعل الوزارة المسؤولة تأمر وسائل الإعلام بالتعاطي مع الظاهرة بحذر شديد وفق البيان الذي صدر بالخصوص.

وجاء في البيان ” تجدّد الوزارة التذكير بضرورة التعاطي الحذر على المستوى الإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي مع حالات الانتحار ومحاولات انتحار الأطفال باحترام تامّ لمقتضيات مجلة حقوق الطفل والمعايير والضوابط الهادفة إلى ضمان مصلحة الطفل الفضلى وتجنّب آثار العدوى اللاّمباشرة على الأطفال”.

تعليقا على ذلك، قال رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، معز الشريف، إن حالة من الإحباط تتنامى في أوساط الأطفال، منذ سنين، نتيجة تخلي المجتمع عنهم، في غمرة الأزمات المتعددة التي تعيشها تونس منذ أكثر من عقد.

وفي حديث لموقع الحرة، شدد الشريف على أنه “ليس هناك إحصائيات دقيقة حول عدد المنتحرين، بين الأطفال (..) لكن هناك مؤشرات على أعداد الذين حاولوا الانتحار فقط”.

وأرجع الرجل غياب أرقام دقيقة إلى غياب أو “عدم العمل بشكل صحيح” لآليات وضعتها الدولة لرصد وإحصاء المحاولات الانتحارية والعنف في المحيط الذي ينمو فيه الطفل، بداية من الأسرة إلى المدرسة فالمجتمع بشكل عام.

يذكر أن موقع الحرة حاول الاتصال بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن التونسية، للتعليق على الموضوع، لكن لم نتلق أي رد.

ضغط
بخصوص ارتفاع نسبة محاولات الانتحار بين الإناث، قال الشريف، إن ذلك راجع لضغط الأعراف على المجتمع التونسي “بالرغم من أن البلاد معروفة بأنها تسير نحو الديمقراطية والمساواة” وفق تعبيره.

ويضيف الشريف “تونس كباقي المجتمعات العربية، تحكمها أعراف وتقاليد قوية، وهي التي تتحكم في سلوكيات الأفراد وليس القوانين”.

إلى ذلك، أشار هذا المختص، إلى أن الضغط الاجتماعي على الفتيات أكثر من الذكور “رغم أن تونس تسعى لدعم مبادئ تكافؤ الفرص بين الجنسين”.

ولفت الرجل إلى أنه، ورغم أن نسبة النجاح المدرسي عند الفتيات أكبر بنحو 70 في المائة عن الذكور، إلا أنهن يخضن للتمييز في المجتمع، وهو ما زاد من عزلتهن ورفع فرص الانحراف، عند البعض منهن.

وكشف أن الإقبال على التدخين عند الفتيات أصبح أكبر منه عند الذكور واصفا ذلك بالمؤشر على درجة القلق الذي تعيشه الفتيات في تونس منذ صغر سنهن.

وذكر أنه في عام 2013 كان عدد الفتيات اللاتي تدخن يكاد يكون منعدما في الإحصائيات التي تطرقت للظاهرة في تونس، لكن عددهن ارتفع في إحصائيات حديثة ليصل إلى 13 في المائة.

الشريف وصف ذلك بالقول “هذا مؤشر للتغير في السلوك الاجتماعي عند الفتيات، دون أن يرافقه تغير من الجانب المجتمعي، سواء على مستوى الاتصال أو التكفل”.

العنف وغياب الحوار
بالعودة إلى ارتفاع ظاهرة محاولة الانتحار بين الأطفال عموما، شدد الشريف على أنه راجع إلى العنف المسلط عليهم في المجتمع ككل، ولا سيما الفضاءات الثلاث: الأسرة، المدرسة، والشارع.

وقال “رغم غياب الإحصائيات الرسمية أستطيع أن أقول لك أن عدد محاولات الانتحار، تضاعف خلال العشرية الأخيرة”.

الرجل رد ذلك إلى ما وصفه “تعطّل آليات الحوار على مستوى كل الفاعلين فيما يخص الطفولة” وذلك في ضوء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ضاعفتها أزمة وباء كورونا الأخيرة، وفقه.

وأوضح الشريف أيضا أن الأسرة التونسية التي أصبحت في مواجهة تلك الأزمات “ضاق صدرها ولم تعد مستعدة للسماع لأطفالها، ومن ثم أغلقت في وجوههم كل قنوات الحوار”.

ومضى يقول “كذلك الشأن في المؤسسات التربوية وكل المجتمع” ثم تابع “أي طفل يريد إبداء رأيه، يُعامل وكأنه معتد على الأصول والقواعد، وهو ما زاد من عزلة كثيرين منهم”.

جهود الدولة
بالحديث عن جهود الدولة بالخصوص قال الشريف إن كل آليات الإحاطة التي وضعتها الدولة أصبحت حبرا على ورق وليست مفعلة في أغلب المؤسسات التربوية.

يذكر أن وزارة الأسرة والطفل شددت في البيان الذي أعلنت فيه انتحار المراهق من القيروان، الأربعاء على واجب إشعار الهيئات المختصة، حول كافّة أشكال التهديد التي يمكن أن يتعرض لها الطفل وذلك من خلال الاتصال المباشر بالمكاتب الجهويّة لمندوبي حماية الطفولة بكل ولاية أو عبر الرقم الأخضر 1809 للإحاطة والتوجيه وتلقّي الإشعارات عن بعد، إلى جانب بوابة حماية الطفولة على شبكة الأنترنت.

الإدمان
يعود الشريف ليؤكد في السياق تنامي ظاهرة الإدمان في صفوف الأطفال والمراهقين، سواء تعلق ذلك بالإدمان الإلكتروني أم تعاطي المخدرات والتدخين.

ويقول عندما يحبط الطفل يلجأ إلى بناء سلوك إدماني، ما يقوده بعد ذلك إلى العنف، ثم محاولة الانتحار لجذب الانتباه.

وتابع “أضم صوتي للقول بأن على وسائل الإعلام المساهمة في جهود مواجهة الظاهرة بتوخي الحذر والمسؤولية وعدم نشر تفاصيل الانتحار التي قد “تلهم آخرين” وختم “محاولة الانتحار، طلب استغاثة من الطفل”.

(الحرة)


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal