ملف لبنان في الثّلاجة: كيف سيُملأ الوقت الضّائع؟… عبد الكافي الصمد

أكثر من قراءة سياسيّة خرج بها الوسط السّياسي اللبناني لـ”لقاء عمّان” الذي عقد في العاصمة الأردنية في الأوّل من شهر أيّار الجاري حول الأزمة السّورية، لكنّ مقاربة شبه موحّدة خرجت بها هذه القراءات، ولو بشكل غير رسمي وغير مباشر، وهي إبداء عدم الإرتياح لاستبعاد لبنان عن هذا اللقاء، إنطلاقاً من كونه معنيّاً بالأزمة السّورية شأنه شأن الدول التي التقت قبل أيّام، أقلّه لجهة أزمة النّازحين السّوريين في لبنان الذين يقاربون مليوني نازح، مع ما تركه ويتركه وجودهم من آثار وتداعيات على مجمل نواحي الحياة في لبنان.
قد يكون اعتراض الحكومة اللبنانية والوسط السّياسي المحلي مبرّراً، لكنّ هذا الإعتراض يسقط عندما تتذكر الحكومات ومعها الوسط السّياسي، والشّعبي أيضاً، أنّهم هم من غيّبوا أنفسهم عن أن يكونوا حاضرين في معظم اللقاءات، تقريباً، التي عُقدت حول الأزمة السّورية منذ اندلاعها قبل أكثر من 12 عاماً، عندما امتنعوا عن مقاربة الأزمة والتعاطي معها جدّيّاً بسبب إنقسام أهل السّلطة والوسط السّياسي حولها، ووضع خطط لمواجهتها، تارة تحت حجّة الحياد، وأخرى تحت حجّة النأي بالنفس، وثالثة عبر وضع رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعامة، فكان طبيعياً أن يتم تغييبهم عن أيّ لقاء أو إجتماع يعني الأزمة السّورية وتداعياتها، من غير أن يجدي نفعاً كلّ الصّراخ والبكاء والوقوف على الإطلال من أجل استجداء دعوة لن تحصل.
إزاء تعدّد القراءات اللبنانية لـ”لقاء عمّان”، فإنّ إنطباعات متقاربة خرج بها العديد من أهل السّلطة والوسطين السّياسي والإعلامي، تفيد أغلبها أّنّ لبنان مُستبعد إلى أجل غير مُسمّى عن أيّ اجتماع يتعلق بالأزمة السّورية، لأسباب مختلفة، يزيد عليها أنّ الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى يُعدّ سبباً إضافياً لاستبعاده، وهو فراغٌ لا يُنتظر أن يُملأ قريباً، في ظلّ إنشغال المعنيين بالملف اللبناني، في المنطقة والعالم، بملفات أكثر أهمية وإلحاحاً.
وضع الملف اللبناني في الثّلاجة لا يعني بالضرورة هدوءاً واستقراراً سيعرفه لبنان خلال المرحلة المقبلة إلى حين تفرّغ القوى الفاعلة فيه لدراسة وبحث ملفه، ومعالجته، والتوصّل إلى تسويات معينة تضع حدّاً للفراغ الرئاسي، والإنقسام السّياسي، والأزمة الإقتصادية والمعيشية، وإيقاف الإنهيار المالي في المرحلة الأولى، بشكل يُمهّد لنهوض البلد من كبوته وإخراجه من القعر الذي وصل اليه، فكلّ هذه الأمور لم توضع على النّار بعد.
وما يجعل الخشية تكبر لدى كثيرين أنّ “الإنتظار” الذي يعرفه اللبنانيون جيداً خلال أزماتهم السّابقة، منذ الحرب الأهلية 1975 ـ 1990 وحتى اليوم، لم يكن برداً وسلاماً عليهم، بل كان في نتيجته ناراً وويلات وحروب زادت من معاناة شعب هذا الكيان المنكوب منذ نشأته قبل أكثر من قرن من الزمن.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal