بقدر ما هزّ المواطنين العاديين اختطاف وتصفية شيخ معمّم، هالهم الاستغلال السياسي لإختطافه الملتبس والسكوت شبه المطبق إزاء الذين استلوا سيوف التحريض المذهبي والطائفي عندما تكشفت الحقيقة المؤلمة!
فهل سيصدق اللبنانيون ان يكون تعاطي بعض السياسيين في لبنان قد إنحدر الى هذا الدَرك أم ان الأمر مرتبط بما يتم لمسه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت خارج أي منطق إعلامي؟
وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري رأى أن “جريمة قتل الشيخ أحمد الرفاعي كشفت الخفة التي تتعامل بها وسائل التواصل الاجتماعي مع أمور حساسة وبالغة الخطورة من هذا النوع”.
وقال: “ما ان تم توقيف الجناة، حتى اتضح أن بعض الإعلام، ولا سيما من يفترض به أن يكون ضنينا بالسلم الأهلي وحريصاً على عدم الانزلاق الى أحكام مسبقة، لم يكن على القدر المطلوب من المهنية والمسؤولية الوطنية، إذ جنح منذ اللحظة الأولى الى إلقاء التهم سياسياً وعشوائياً، بما يشبه التحريض، ومشوشا على الحقيقة!”
يبدو ان وسائل التواصل الاجتماعي باتت بكل بساطة وبدون أن تدري تخدم أهداف من يُمسك برقابها ويجعلها متفلتة وخارجة عن أي منطق.
فكل شخص ، أياً كان مستواه العلمي او قدراته المعرفية أو إطلاعه على الشأن السياسي، بات بإمكانه ان يدلو بدلوه في أية قضية وقد يستطيع في الوقت نفسه جرّ العديد من متتبعيه الى السقوط في الغوغائية والتشويه وربما الى استدراج شريحة واسعة من الرأي العام لإحداث الفتن في مجتمع متوتر طائفياً ومذهبياً في وقت تبدو فيه وسائل المراقبة والمتابعة والمحاسبة من قبل السلطات المختصة شبه معدومة.
وفي حال التمكن من جره الى دائرة المحاسبة يكون المجتمع قد دفع ثمناً باهظاً لا يعوض وعلى نمط المثل القائل: “من ضرب ضرب ومن هرب هرب”!
والحلول الأقرب الى الواقع تكون باعتماد توعية منزلية واجتماعية ودينية مركزة ومتتابعة لتنوير المواطنين على أهمية هذه الأجهزة المتطورة بين أيدينا وكم أحدثت من نقلات خارجة عن مألوف التواصل في مجتمعاتنا. وكم هي شيطانية في الوقت نفسه وقادرة بسهولة على تدمير مجتمعاتنا إذا لم نحسن استخدامها ليس على الصعيد الأمني وحسب وإنما على الصعد الاجتماعية والثقافية وتربية أفراد الأسرة.
ولذلك رأينا وزير الاعلام الذي حوّل وزارة بات يعتبرها بعض السياسيين في المرحلة الأخيرة ثانوية الى وزارة “شبه سيادية” يدعو “كل من يتعاطى الإعلام وكل من يغرد ويحلّل ويعلّق، الى تحكيم العقل وتغليب الحس الوطني قبل المسارعة الى أي اتهام سياسي غير مبني على الواقع، وخصوصاً في مرحلة حرجة كهذه من تاريخ الوطن تفترض بالجميع ضبط النفس والتروي قبل إطلاق العنان لأحكام جاهزة سلفاً ولتكهنات وليدة الخيال!
Related Posts