لا شك في أن أي إنسان موجود على هذه الأرض، أو أي كيان سياسي في المجموعات الحاكمة، يحلم بان يسجل اسمه في مجموعات “غينيس” العالمية للأرقام القياسية لأن ذلك يجعله مميزاً ليس في بيئته وحسب، وإنما على المستوى العالمي. ولكن هذا المكون الجغرافي الذي يسمى لبنان ويُصنّف من الأصغر بين أقرانه نظراً لمحدودية مساحته، قد خرق أرقاماً قياسية عدة وبات مميزاً (سلبياً) في ما سُجِّل على أرضه من تداعيات لم يسبقه إليها أحد..
جاء في الأنماط البشرية الحاكمة أن امبراطوراً او ملكاً أو رئيس سلطة دستورية قد نهب جزءاً من ثروة شعبه عندما اضطر لمغادرة اراضي البلد الذي يحكمه قسراً أو انقلاباً. ولكن هل سمعتم في أي دولة على مستوى العالم ومنذ بدء نشوء مكونات الممالك او الجمهوريات أو ما يشابهها، أن مجموعة حاكمة قد استطاعت نهب ما يملكه جميع افراد الشعب بدون استثناء؟
وجاء في العديد من تواريخ الدول أو الممالك أو الجمهوريات أن قاضياً أخطأ في حكمه بحق إنسان بريء أو أن قاضياً حمّل ضميره في الوقوف الى جانب المرتكب بدل إنصاف الضحية. ولكن هل تناهى الى سمعكم في كل أشكال الحكم في العالم ان جسماً قضائيا تبادل كبار قضاته توجيه الادعاءات الى بعضهم البعض كما حصل الأسبوع الفائت في الجسم القضائي اللبناني الذي كان مثالاً يُحتذى بين مماثليه في المناقبية بين العديد من الدول وتحوّل الى مدعاة تهكم وإزدراء؟
بعد ثلاث سنوات ونيّف على وقوف لبنان على شفير الانهيار، ينظر اللبنانيون مذهولين إزاء ما يجري على صعيد مؤسساتهم التي كانت تحمي حقوقهم، آملين أن تتوقف المهازل عند هذا الحد من الانهيار لا أن تنهار المؤسسات الأم في دولتهم التي احتفلت العام الماضي بذكرى مرور مئة عام على تأسيسها، بدل أن تتحول الى هباء وتنزلق هذه الدولة التي كانت توصف بـ “قطعة سما” الى دولة فاشلة بكل ما في الكلمة من معنى.
وبالتالي يتطلب وضعها المزري أن تسارع بعض الدول التي امتهنت الاستعمار او التسلط على أراضي دول أخرى (كما كان يحصل بين قبائل الجاهلية) أن تضع يدها على مقوماتنا وثرواتنا التي حلمنا يوماً بوجودها، وتمنينا ان ينعم أبناء الشعب بها ، فنصبح اول شعب يفشل في إدارة نفسه ويصلي كي يأتيه شعب آخر يدير أموره، وبذلك نكسر الرقم القياسي الأعلى في هذا المضمار. ويبدو أن ذلك لم يعد بعيداً إذا ما بقينا على هذا الصراط غير المستقيم !
Related Posts