الواقعية السياسية.. تجمع المكونات اللبنانية على دعم إجتماع الحكومة!… غسان ريفي

أرسى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي معادلة أن الدولة ودستورها وقوانينها هي كلها في خدمة الناس، وبالتالي فإن الدعوة لإنعقاد جلسة مجلس الوزراء للمرة الثانية يوم غد الأربعاء، لا تمت بصلة الى أي إستفزاز طائفي أو كيديات سياسية، أو إستهداف أو مصادرة صلاحيات رئاسية، بقدر ما تهدف الى معالجة قضايا ملحة، ومن يريد أن يتعاطى مع الموضوع من هذا المنظور ويعتمد الشحن والتحريض فهذا شأنه، وعليه أن يواجه اللبنانيين.

يمكن القول، إن الجميع بات على قناعة بأن الأزمات والمعاناة والمآسي لا يمكن أن تنتظر إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وإنتظام العمل السياسي، ولا بد من مواجهة الواقع والتعايش معه، وبما أن الدستور اللبناني سمح لحكومة تصريف الأعمال أن تعقد إجتماعات تحت بند الضرورة القصوى، فإن الرئيس ميقاتي الحريص على صلاحياته، يعمل بأحكام هذا الدستور، خصوصا أنه لا يوجد ضرورة أقصى من إنقاذ مرضى السرطان وغسيل الكلى، وتأمين الفيول لمعامل الكهرباء ووقف النزف المالي من الغرامات لحساب الشركات والذي تسبب فيه وزير الطاقة وليد فياض، وتجنيب لبنان نفاد مخزون القمح، إلا إذا كان هناك من يريد أن يموت اللبنانيين على أبواب المستشفيات ويكملون حياتهم في العتمة الشاملة ويشتهون لقمة الخبز الى حين إنتخاب رئيس للجمهورية أو الى حين أن تنضج ظروف البعض لتحقيق الطموحات الرئاسية.

لا شك في أن الدعوة الى جلسة مجلس الوزراء باتت تحظى بشبه إجماع وطني حيث أن كل التيارات السياسية تدعم إنعقادها، باستثناء التيار الوطني الحر الذي لم يعد مفهوما موقفه “الانتقامي” من اللبنانيين بالعمل على تعطيل الجلسة، خصوصا بعد موقف القوات اللبنانية التي عطلت كل الشعارات المسيحية التحريضية التي يلجأ إليها النائب جبران باسيل، بالتأكيد على “ضرورة إجتماع الحكومة من أجل تلبية حاجات الناس الملحة”، فضلا عن مشاركة وزراء تيار المردة والوزير جورج بوشيكيان كممثل عن الطائفة الأرمنية ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي والوزيرة نجلا رياشي. 

هذه المشاركة تؤكد أن المسيحيين ممثلين في الاجتماع الحكومي، ومن هو غير ممثل في الحكومة كالقوات اللبنانية فإنه يغطي إجتماعها، فضلا عن مشاركة كل الوزراء السنة وكل وزراء الثنائي الشيعي وممثل اللقاء الديمقراطي، الأمر الذي يقطع الطريق على كل من يشكك في ميثاقية وشرعية ودستورية هذه الجلسة لا سيما من الجانب المسيحي المتمثل بالتيار الوطني الحر، إلا إذا كان لدى التيار، أن “هناك مسيحي درجة أولى وآخر درجة ثانية، أو مسيحي معترف بمسيحيته وآخر غير معترف به”.

بات واضحا أن موقف التيار الوطني الحر من إجتماع الحكومة بدأ يضعف لأسباب عدة أبرزها، إفتقاده القدرة على إقناع اللبنانيين بوجهة نظره المتعلقة بالشغور الرئاسي، غياب الاجماع المسيحي حول موقفه، مشاركة حليفه حزب الله بما يؤكد أن الاجتماع مخصص لتلبية الحاجات الملحة، أزمات ومآسي اللبنانيين الذين لم يعودوا يهتمون بأي تجاذب سياسي أمام تحقيق مطالبهم المعيشية، الواقعية السياسية والخدماتية التي يتعاطى بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والتي جمعت سائر التيارات السياسية حول خياراته.

لذلك، وبحسب بعض المطلعين، فإن المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الطاقة وليد فياض كمحاولة أخيرة لتعطيل جلسة الحكومة، ومحاولته التذاكي بإرسال مرسوم موقع من وزراء التيار الوطني الحر، هو من أجل ذر الرماد في العيون الذي لم يعد يجدي نفعا، خصوصا بعد رد الأمانة العامة لمجلس الوزراء عليه والذي أظهر بأن الجهد الذي بذله الوزير فياض كان “لزوم ما لا يلزم”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal