وزير التربية يتراجع عن “جرح كرامة” المعلمين.. والأزمة مستمرة!… عبد الكافي الصمد

كان طبيعياً ومتوقعاً أن يعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي سحب إقتراحه القاضي بدفع خمسة دولارات عن كلّ يوم حضور لأفراد الهيئة التعليمية “بغية دعم الإنتاجية، وتمكينهم من تحمّل التراجع المستمر لقيمة العملة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي”، حسب تبريره، بعدما قوبل إقتراحه المذكور بموجة إعتراضات واسعة شملت مختلف المناطق اللبنانية.

ومع أنّ الحلبي قال في بيان سحب اقتراحه بأنّه “لم يدر في خلده مطلقاً أن يتم اعتبار مسعاه سبباً لجرح كرامات أفراد الهيئة التعليمية، إذ أنّه يُقدّر تضحياتهم عالياً جدّاً، ويعتبرهم عصب إستمرارية التعليم”، وأنّ “كرامات المعلمين على المستويات كافة موضع عنايتي واحترامي”، فإنّ كرامات المعلمين جُرحت على أيّامه أكثر من مرّة.

المرّة الأولى عندما وعدهم بأنّ الحوافز التشجيعية العائدة لهم، والممولة خارجياً، موجودة، وهي تكفي 3 أشهر على الأقل، لكنّه أخلّ بهذا الوعد، وهو إخلال جعل أفراد الهيئة التعليمية يحتجّون ويُعلنون إضراباً مفتوحاً جعل مصير العام الدراسي الجاري على كفّ عفريت، في ظلّ تساؤلات مشروعة عن مصير الأموال المخصّصة في المجال، وأين ستنفق، وكيف.

والمرّة الثانية، عندما خفّض قيمة الحوافز التشجيعية من 90 دولاراً، على الأقل، مقطوعة شهرياً، إلى 5 دولارات مشروطة بالحضور إلى مكان العمل، والدوام ما بين 6 إلى 7 ساعات يومياً على الأقل، مع علمه بأنّ المبلغ الهزيل لا يُعوّض الحدّ الأدنى من جهد الأساتذة، وأنّ أيّ عامل في أيّ مجال أو حرفة يدوية، من تصليح السيّارات إلى تصليح التمديدات الكهربائية والصحيّة وغيرها، لا يرضى بأقلّ من 10 ـ 15 دولاراً مقابل كلّ ساعة عمل، وبأنّ أجرة العامل العادي لا تقلّ عن 10 دولارات، أيّ أنّه بقراره جعل من الأساتذة، الذين وصفهم بأنّهم “عصب إستمرارية التعليم”، في أسفل طبقات المجتمع، وهم الذين يشكلون مع عائلاتهم أكثر من نصف الشعب اللبناني تقريباً.

والمرة الثالثة، أنّه يكتفي لحلّ مشكلتهم بالحوار مع ممثلي نقاباتهم، الأساسي والثانوي والمهني والمتعاقدين، برغم علمه بأنّ كلّ هذه النقابات مسيّسة ولا تملك قرارها، وأنّ إستقالات واسعة شهدتها في الأيّام الأخيرة، بدل الإستماع إلى صوت من نزلوا إلى الشّارع معبّرين عن الوجع الحقيقي لمن امتهن مهنة التعليم، واعتبرها ذات يوم “رسالة سامية”.

مقاربة الوزير الحلبي لمشكلة أفراد الهيئة التعليمية، دفع روابط التعليم الأساسي والثانوي والتعليم المهني، تحت ضغط قواعدهم، إلى التأكيد أنّه “في حال عدم وجود حوافز تشجيعية، فإنّ ذلك يعني أنّ لا وجود لمدرسة رسمية”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal