بات إستهداف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الشغل الشاغل للتيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي تشير المعلومات الى أنه في الاجتماع الأخير للكوادر البرتقاليين أعطى توجيهات صارمة بضرورة تفعيل الهجوم عليه عبر التصريحات والمواقف ومواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الاستهداف لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة سلسلة من المواقف نجح فيها ميقاتي في التصدي لباسيل والحد من طموحاته لا سيما الرئاسية، ومحاكاة تطلعات اللبنانيين بمنعه من تمديد عهد عمه ميشال عون بشكل مقنع الى ما بعد إنتهاء الولاية، ومن أن يكون له اليد الطولى في الحكومة التي رفض ميقاتي تشكيلها على قياسه، فضلا عن عقد جلسة لمجلس الوزراء رغما عنه وبمشاركة حلفائه، ما جعله يشعر بضعف نفوذه السياسي وبابتعاد حلفائه عنه، بعدما كان الحاكم بأمره.
يُدرك باسيل أنه غير قادر على مواجهة ميقاتي الذي يقود السلطة بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية ويصرّف الأعمال وفقا لأحكام الدستور وبالتشاور مع أكثرية التيارات السياسية، لذلك فهو “يفش خلقه” باللبنانيين من مرضى سرطان وغسيل كلى الى العسكريين الى المواطنين الذين يحتاجون الى الانترنت والاتصالات من هيئة أوجيرو، بمحاولة تعطيل المراسيم التي تصب في مصلحتهم والصادرة عن إجتماع الحكومة الأخير، وذلك عبر تقديم طعن فيها أمام مجلس شورى الدولة.
كما يستمر باسيل بالضغط على اللبنانيين بالكهرباء سواء في تعطيل تشكيل الهيئة الناظمة التي يضعها البنك الدولي شرطا أساسيا لتمويل إستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، إضافة الى ممارسة ضغط أكبر من خلال وزارة الطاقة التي إستقدمت باخرة للفيول قبل تأمين الاعتمادات المالية لها، وتعمل اليوم على إجبار الحكومة على صرف سلفة مالية بقيمة 68 مليون دولار لتفريغها، ما يُكبّد لبنان مبلغ 20 ألف دولار عن كل يوم تأخير، في حين أن إقرار السلفة يحتاج الى مرسوم يُتخذ في إجتماع لمجلس الوزراء الذي يقاطع باسيل جلساته ويمنع الوزراء المحسوبين عليه من حضورها، ويدعو الى إعتماد المراسيم الجوالة غير الدستورية والتي إعتمدت خلال الحرب في ظل عدم قدرة الوزراء على الاجتماع بسبب الجبهات القتالية المفتوحة والطرق المقطوعة.
واللافت، أنه في كل مرة تعمل وزارة الطاقة التي تعاقبَ عليها خمسة وزراء على مدار 17 سنة، على وضع اللبنانيين أمام خيارين، فإما دفع الأموال وإما المزيد من العتمة، علما أن الحكومات المتعاقبة أعطت وزراء التيار سلفات مالية عدة وبمبالغ خيالية من دون أن يصار الى تأمين التيار الكهربائي أو تحسين التغذية، حيث كانت الكلفة الاجمالية نحو أربعين مليار دولار بتغذية صفر كهرباء في الوقت الحالي، ورغم ذلك ما يزال التيار يتمسك بهذه الوزارة ويعطل عمليات التأليف في حال لم يحصل عليها.
وما يثير الاستغراب الى حدود السخرية هو أن تسأل وزيرة الطاقة السابقة النائبة ندى البستاني الرئيس ميقاتي عن وعد التغذية الكهربائية لمدة عشر ساعات، في وقت ما يزال فيه وزير تيارها يحول دون تشكيل الهيئة الناظمة التي من شأنها أن تفتح الأبواب أمام إزدياد ساعات التغذية عبر الغاز المصري والكهرباء الأردنية، فضلا عن أن خمس وزراء برتقاليين بمن فيهم رئيس التيارجبران باسيل وعدوا سابقا بـ 24 ساعة تغذية كهربائية وفشلوا في ذلك وعللوا الأسباب بـ “ما خلونا”.
يبدو أن المواجهة بين الرئيس ميقاتي والتيار الوطني الحر برئاسة باسيل مستمرة وهي مرشحة للتصاعد، خصوصا أن هذه المواجهة قائمة بين نهجين، الأول التفتيش عن كل الأحكام الدستورية التي تسمح للحكومة بتلبية مطالب وإحتياجات الناس في ظل الأزمات الضاعطة بالتشاور مع أكثرية التيارات السياسية، والثاني التعطيل الشامل على حساب مصلحة اللبنانيين الى حين تحقيق طموحات باسيل الرئاسية!..
Related Posts