إنقسام حول زيارة القضاة الأوروبيين.. وعون يُسقط القضاء اللبناني!… غسان ريفي

تنشغل الأوساط اللبنانية بزيارة الوفد القضائي الأوروبي القادم من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ للتحقيق مع شخصيات مصرفية ومالية من بينها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبما يمكن أن ينتج منها وكيفية تعاطي القضاء اللبناني معها.

في غضون ذلك، أطل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون بتغريدة قال فيها: “سقوط القضاء اللبناني، فتح الطريق لتدخل القضاء الأجنبي، فهل يستطيع من تبقى من شرفاء القضاة إستعادة الثقة المفقودة وإسترجاع هيبة قضاتنا”.

ما قاله عون ترك علامات إستفهام كثيرة، خصوصا أنه الخارج للتوّ من قصر بعبدا بعد ست سنوات أمضاها على رأس السلطة اللبنانية، عمل فيها على إيقاف التشكيلات القضائية كونها لم تراع القضاة المحسوبين عليه، وتدخل شخصيا وبالواسطة بملفات قضائية عدة، ودفع وزير العدل المنتمي إليه الى سحب قانون إستقلالية القضاء من مجلس النواب، ودعم قضاة فتحوا على حسابهم وأساؤوا الى المؤسسة القضائية بالاصرار على إقتحام المؤسسات وكسر وخلع المكاتب وإثارة البلبلة والنعرات.

واللافت في التغريدة أن الرئيس عون تحدث عمن “تبقى من شرفاء القضاة لاستعادة الثقة المفقودة”، ما شكل إساءة غير مسبوقة من رئيس سابق الى أكثرية القضاة والمؤسسة القضائية برمتها، وذلك لنفض يده مما إرتُكب بحق القضاء في عهده، والاستفادة من مجيء القضاة الأوروبيين للعب على وتر المعارضة التي بدأ مع صهره جبران باسيل باعتمادها للتغطية على سنوات الفشل الذريع التي أوصلت كل المؤسسات مع البلاد بطولها وعرضها الى قعر جهنم.

ما تزال أهداف زيارة الوفد القضائي الأوروبي الى لبنان للتحقيق في قضايا فساد تتعلق بالتحويلات المالية الى الخارج مبهمة، حيث لم يكشف أحد ما اذا كانت للاستيضاح او للاستجواب، وهل هي قانونية أو مخالفة له وتضرب سيادة القضاء ومعه سيادة البلد، في وقت أرجأ فيه وزير العدل هنري خوري مؤتمره الصحافي للحديث عن الزيارة الى يوم الثلاثاء المقبل، فيما يتحصن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بالصمت.

كما هي العادة، فقد دخلت الزيارة التي من المفترض أن تتم مطلع الاسبوع المقبل في التجاذبات السياسية، فإنقسمت الآراء حولها، بين من يعتبرها ضرورية للتحقيق مع حاكم مصرف لبنان بعدما عجز القضاء المحلي عن الوصول الى نتيجة في التحقيقات التي أجراها معه، وإعتبار أن قيام محققين أوروبيين بهذه المهمة هو أمر يدخل ضمن إتفاقية مكافحة الفساد التي وقعها لبنان، خصوصا أن ثمة شكاوى عدة بحق سلامة في أكثر من بلد أوروبي.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن المدعي العام غسان عويدات تبلغ رسميا بهذه الزيارة وبالمهمة التي من المفترض أن يقوم بها القضاة الأوروبيون، وقد وافق عليها إلتزاما ببنود الاتفاقية شرط أن يكون ذلك تحت إشراف القضاء اللبناني.

في حين يرى البعض الآخر أن التحقيقات التي تجري على الأراضي اللبنانية هي حصرا من إختصاص القضاء اللبناني، وأن أي تحقيق يريد القضاء الاجنبي القيام به يجب ان يكون عبر استنابات قضائية ينفذها قضاة لبنانيون، وما دون ذلك فهو مخالف للقوانين المرعية الاجراء.

ويؤكد هؤلاء أن ما يحصل يشكل سابقة، ويُعتبر إنتهاكا للسيادة اللبنانية، وضربا لهيبة القضاء، ويؤسس لوصاية قضائية خارجية على لبنان قد تتجاوز الملفات المالية الى ملفات أخرى مثل إنفجار مرفأ بيروت، أو حادثة العاقبية أو غيرها ما يجعل البلد مستباحا.

الى ذلك، تشير مصادر مواكبة الى أن الزيارة لن تبدل شيئا، خصوصا أن الوفد القضائي ستقتصر مهمته على الاستماع لمن يريد التحقيق معهم ومن ثم إعداد تقرير لن يكون مضمونه ملزما للبنان، لكن قد يفتح الباب أمام القضاء اللبناني أن يتدخل لملاحقة من يثبت تورطهم وفقا للقانون اللبناني.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal