هي المرّة الأولى التي تكتسب فيها جلسة الإنتخاب التاسعة لانتخاب رئيس الجمهورية، التي يعقدها المجلس النيابي اليوم الخميس، أهمية تجعلها تتفوق على الجلسات الثماني السّابقة؛ ليس لأنها ستفضي إلى انتخاب الرئيس العتيد باعتبار أنّ هذا الأمر لم يحن أوانه بعد بانتظار تسوية لم تولد بعد، إنّما لما يُنتظر أن تشهده الجلسة من خلط أوراق ستزيد الوضع السّياسي الداخلي تعقيداً، وتجعل إنتخاب الرئيس أكثر صعوبة.
هذه الأهمية التي تكتسبها جلسة المجلس اليوم، وجعلت الأنظار تتوجّه إليها، تعود إلى تداعيات جلسة حكومة تصريف الأعمال التي عقدتها، يوم الإثنين الفائت، في السرايا الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، والتي كان أبرزها ردود فعل التيّار الوطني الحرّ ورئيسه النائب جبران باسيل، الذي أطلق بعدها مواقف تصعيدية، في وجه حلفائه وخصومه على حدّ سواء.
فالعتب الكبير الذي أبداه باسيل على حليفه الرئيسي حزب الله، الذي لم يقف معه في مقاطعة جلسة الحكومة، بإيعازه لوزرائه مقاطعة الجلسة الحكومية بما يفقدها نصابها القانوني، حين اعتبر أنّه “عندما تنكسر الشّراكة الوطنية والحزبية بتبطل شراكة”، جعل مراقبين يتساءلون عن موقف التيّار البرتقالي من جلسة الإنتخابات الرئاسية اليوم، وهل أنّ موقف باسيل وتيّاره خلال الجلسة سوف يكون مؤشّراً على مدى صمود “تفاهم مار مخايل” بين الحزب والتيّار في عام 2006، برغم كلّ التباينات، أم أنّه بداية تصدّع في جدار “التفاهم” والعلاقة بينهما.
فقد أطلق باسيل في مؤتمره الصحافي الذي عقده يوم أوّل من أمس موقفين يتعلقان بالإستحقاق الرئاسي: الأوّل عندما حذّر من أنّه “إذا كان أحد يظنّ بأنه يضغط علينا بالموضوع الرئاسي، فنقول له لن ينفع وهذا يؤدّي إلى تصلّب أكبر”، في إشارة إلى رفضه أن يسير بتبنّي الحزب بترشيح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية؛ والثاني عندما أشار إلى أنّه “سنسعى للخروج من خيار الورقة البيضاء رئاسياً”، وهو أوّل تصريح مباشر منه إلى أنّه لن يلتزم وكتلته بالتصويت بورقة بيضاء في جلسة اليوم، إنّما من غير أن يكشف الخيار الذي سيسلكه في عملية التصويت.
موقفا باسيل تعني أنّ أيّ ضغط سيمارسه عليه الحزب بموضوع فرنجية والإستحقاق الرئاسي، بعد جلسة الحكومة الإثنين الماضي، سيقابل منه بتشدّد ورفض كبيرين، الأمر الذي سيزيد العلاقة تعقيداً بين باسيل والحزب في المرحلة المقبلة، وسيجعل التحالف “الشّكلي” بين فرقاء السّلطة معرضاً للإنهيار إذا لم تتم معالجته.
هذا التطوّر يدفع للتساؤل هل أنّ التصويت للورقة البيضاء الذي بقي صامداً طوال الجلسات الثماني السابقة، منذ أوّل جلسة في 29 أيلول الماضي، أم أنّه سيتعرّض غداً للتصدّع، وهل ستبقى الأصوات التي نالتها الورقة البيضاء (الأعلى 63 في 29 أيلول، والأدنى 46 في 17 تشرين الثاني) على حالها، أم أنّ باسيل سيغيّر وجهتها، بما يجعل أصوات مرشّح المعارضة ميشال معوّض تتصدر المشهد، ما سيجعل فرقاء السّلطة يعملون على تعطيل نصاب الجلسة وتطييرها، إفساحاً في المجال أمام معالجة إنقسام سياسي سيجعل موقف فريق السّلطة ضعيفاً، قياساً على موقف فريق المعارضة.
Related Posts