جلسات إنتخاب “غير جدّية” بانتظار “غودو” التسوية… عبد الكافي الصمد

وحده النّائب جميل السيّد، من بين مجموع النوّاب الـ128، أعلن مقاطعته جلسات إنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، بعدما اعتبرها جلسات “غير جدّية”، وأنّها “للتسلية”، قبل أن يعقّب أمس بالقول إنّ جلسة أمس، وهي الثامنة التي يعقدها المجلس النيابي لهذه الغاية، “ليس فيها ما يشير إلى أيّ استعداد لانتخاب أحد”، مفسراً ذلك حسب رأيه بأنّ “معظم القوى السّياسيّة تنتظر التّرياق من الخارج، كالعادة، والخارج له همومه ومش فاضي يتسلّى معك”، مشيراً إلى أنّ الجلسات التي تعقد “هي فقط لإيهام النّاس أنّنا نسعى لانتخاب رئيس”.

ومع أنّ قرار النّائب السيّد شخصي ولا يُلزم أحداً من النوّاب الآخرين، وهو قرار له إعتباراته الخاصّة من نائب أثار منذ دخوله الندوة البرلمانية عام 2018 جدلاً سياسياً لم ينتهِ بعد، فإنّ ما أبداه السيّد من موقف حيال جلسات الإنتخاب الرئاسية يوافقه عليه العديد من النوّاب، وإنْ لم يُقدموا على خطوة مقاطعة الجلسات كما فعل هو.

فالمواقف التي يدلي بها أغلب النوّاب بعد كلّ جلسة إنتخابية، من فريق السّلطة أو من فريق المعارضة، أو من النوّاب التغييرين أو السّياديين أو المستقلين، كما يُطلق عليهم، تتقاطع بشكل أو بآخر مع موقف النّائب السيّد، لكن في النهاية كلّ نائب أو تكتل يتخذ الموقف الذي يراه مناسباً له في “لعبة” الحسابات السّياسية.

فعلى مدى الجلسات الثماني السّابقة إتضح من مسارها أنّ أوان إنتخاب رئيس جديد لم يحن بعد، وبأنّ التسوية المنتظرة، داخلياً وخارجياً، ما تزال في ثلّاجة الإنتظار، ما يجعل النوّاب، سواء كانوا ضمن كتل ينتمون إليها أو فرادى، يبدون وكأنّهم يلعبون في الوقت الضائع.

منذ أوّل جلسة إنتخابات عقدت في 29 أيلول الماضي، قبل قرابة شهر على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون، وصولاً إلى الجلسة الثامنة التي عقدت يوم أمس، بدت معظم هذه الجلسات هزلية وغير جدّية، وأنّ الحسم ما يزال مؤجّلاً، كما المواقف السياسية التي بدأت التبدّلات تطرأ عليها، أو يُلمّح أصحابها إلى إمكان إتخاذها عندما تحين ساعة الحقيقة. 

واتضح من خلال النتائج المعلنة أنّ التنافس يدور بين مرشحين، الأوّل معلن هو النّائب ميشال معوّض، والآخر مضمر خلف الورقة البيضاء هو رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، وأنّ الأخير تقدّم في كلّ الجلسات على الأوّل، إنّما من غير أن يحسم النصاب لمصلحته حتى الآن، بين 63 صوتاً في أوّل الجلسات في 29 أيلول الفائت كأعلى عدد أصوات و46 صوتاً في جلسة 17 تشرين الثاني كأدنى عدد أصوات، وصولاً إلى جلسة أمس التي نال فيها 52 صوتاً؛ بينما لم يرتفع عدد أصوات معوض عن 44 صوتاً في جلسة 10 تشرين الثاني بينما كان أدنى عدد أصوات حصل عليه هو 36 صوتاً في جلسة 29 أيلول، وصولاً إلى جلسة أمس التي نال فيها 37 صوتاً.

غير أنّ كلّ هذه الجلسات وأصوات إقتراع النوّاب فيها لا تقدّم ولا تؤخّر في الإستحقاق الإنتخابي شيئاً، وسيكون مصيرها إرشيف مجلس النوّاب فقط، بانتظار “كلمة سرّ” ليس معروفاً متى تصل، ولا عن طريق من، ولا في أيّ ظروف، وسط خشية أن يستمر الإنتظار طويلاً كما هو الحال في مسرحية “في انتظار غودو” للكاتب الإيرلندي الشهير صامويل بيكيت، الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1969.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal