سواء إنعقدت جلسة مجلس الوزراء اليوم للبت بالملفات المعيشية والصحية والانسانية الملحة، أم لم تنعقد لعدم إكتمال نصاب الثلثين، فإن الدعوة التي وجهها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كشفت بكل وضوح من يريد تحقيق مصالح اللبنانيين وتأمين مقومات الحياة لهم، ومن يسعى الى التعطيل الشامل لشل اجهزة الدولة ومؤسساتها والدخول في معارك سياسية وطائفية على حساب معاناة المواطنين وامراضهم وادويتهم وحياتهم.
من اليوم تبدأ بعض المستشفيات بإقفال مراكز غسل الكلى وبرفض استقبال مرضى السرطان والامراض المستعصية لعدم حصولها على مستحقاتها المالية التي يحتاج اقرارها الى مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، في وقت لا يعدم فيه التيار الوطني الحر وسيلة لتعطيل انعقاد هذه الجلسة سواء بالضغط على بعض الوزراء للاعتذار عن الحضور، أو بالتحريض السياسي، والشحن الطائفي، أو باستغلال مواقف البطريرك بشارة الراعي للاستفادة منها في معركته التي تتخذ في الشكل طابعا دستوريا بينما في المضمون تختزن كيدية سياسية ومحاولات ضغط تخدم النائب جبران باسيل الغارق في الطموحات الرئاسية التي أبعدت أقرب حلفاءه عنه.
حتى لو كان الاعتراض فقط دستوريا، فإن الدستور والقانون وضعا من اجل خدمة الناس، ولا يمكن لأي دستور ان يرضى بموت المرضى على ابواب المستشفيات وان تتعطل كل اجهزة الدولة.
واللافت، أن كل ذلك ما كان ليحصل لو بادر مجلس النواب الى انتخاب رئيس الجمهورية في ظل تعطيل واضح تفرضه الخلافات والصراعات، وما يثير الاستغراب أن التيار الوطني الحر الذي يعترض على انعقاد مجلس الوزراء في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية هو من يعطل الاستحقاق الرئاسي باصرار رئيسه جبران باسيل على منع الفريق السياسي الذي ينتمي اليه من ايصال مرشحه بفعل انانية سياسية وشخصانية تؤكد انه يريد ان يأخذ من فريقه السياسي كل شيء ولا يريد ان يعطي او يقدم شيئا.
والمستغرب أيضا، أن حزب القوات اللبنانية قد وقف الى جانب التيار الوطني الحر في اصطفاف طائفي واضح، فيما يخوض كل فريق منهما معركة الغاء ضد الآخر في الاستحقاق الرئاسي، ما يؤكد ان الفريقين يرفضان انعقاد جلسة لمجلس الوزراء ويعطلان انتخاب رئيس الجمهورية، ويقدمان نموذجا سيئا في التعاطي مع قضايا المواطنين الملحة.
يبدو واضحا ان الرئيس ميقاتي مصرّ على عقد جلسة لمجلس الوزراء انطلاقا من التزامه بالمسؤولية الوطنية التي تحتم عليه تسيير شؤون المواطنين لا سيما المرضى الذين ينتظرون الحصول على العلاج، حيث بالرغم من صدور بيان موقع من تسعة وزراء يؤكد امتناع هؤلاء عن المشاركة، أبقى الدعوة قائمة خصوصا في ظل معلومات تؤكد بأن البيان الذي كتب بحبر برتقالي وفي مكتب باسيل صدر من دون علم وزيرين على الاقل، فيما الاتصالات ما تزال جارية لتأمين نصاب الجلسة.
وبغض النظر عن انعقاد الجلسة، فإن فريق باسيل حاول أمس الايحاء بتحقيق انتصار وهمي بتعطيل الجلسة، في حين يمكن القول، انه في حال تمكن من منع الوزراء من المشاركة فإنه يكون قد حقق انتصارا على المرضى وعلى العسكريين وعلى المعلمين وربما يتسبب بإبادة جماعية لمن يحتاج الى غسيل الكلى او الادوية المستعصية، خصوصا ان الرئيس ميقاتي لم يتقاعس عن القيام بواجباته لانقاذ ما يمكن انقاذه، وليتحمل كل من يعنيهم الامر مسؤولية ما سينتج عن الامعان في التعطيل، وليتحمل اللبنانيون مسؤولية المساءلة والمحاسبة!..
Related Posts