الحكومة تلتئم.. إنتصار منطق خدمة الناس على منطق الكيدية!.. غسان ريفي

ما أن إكتمل نصاب مجلس الوزراء وبدأ بمناقشة جدول أعمال الجلسة، حتى خرج التيار الوطني الحر مع نوابه وقياداته عن طورهم فتوزعوا على القنوات التلفزيونية والاذاعات ومن لم يجد سارع الى إصدار بيان فيما كتب آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور مما يحصل في السراي الحكومي الذي شهد وصول موفد برتقالي في محاولة أخيرة منه لثني الوزراء عن متابعة شؤون الناس لكن جهوده باءت بالفشل.

وفي ظل الضجيج العوني الذي ملأ وسائل الاعلام بتحريض سياسي وشحن طائفي ونفخ في بوق الفتنة وإتهامات بالخيانة والانقلاب والطعن بالظهر وإرتكاب الخطايا، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد إنتهاء الجلسة وإقرار البنود الأساسية على جدول الأعمال ليضع حدا لـ”الهستيريا البرتقالية” ويضع النقاط على الحروف بتأكيده على “ضرورة فصل السياسة عن العمل الحكومي المطلوب لخدمة امور الناس ومعالجة الملفات التي تهم المواطنين، فكلنا في خدمة هذا البلد، ونتعاون لتمرير هذه المرحلة الصعبة جداً”. 

ولم يكتف ميقاتي بذلك، بل وجه رسالة إيجابية الى الوزراء المقاطعين متفهما ظروفهم، وداعيا إياهم الى جلسة تشاورية لم يحضرها سوى الوزيرين وليد نصار وهيكتور حجار، بينما بقيَ الوزراء الآخرون تحت تأثير الصدمة.

يمكن القول، إن التيار الوطني الحر خدَعَ الوزراء الذين قاطعوا الجلسة وأحرج موقفهم سواء أمام رئيس الحكومة وزملائهم الوزراء، أو أمام الشعب اللبناني الذي لن يغفر لمن كان يحاول أن يعطل إقرار الملفات الصحية المتعلقة بمرضى السرطان وغسيل الكلى وملفات مستحقات العسكريين والمتعاقدين، خصوصا أن التيار الذي تولى كتابة “بيان التسعة” في مكتب رئيسه جبران باسيل أوهم أكثرية الوزراء بأن الجلسة الحكومية لن تعقد وأن غيابهم سيساهم في تقوية موقفهم مسيحيا وسيمنحهم إنتصارا، قبل أن يكتشفوا أن التيار لا يمون على كل الوزراء الذين كان من بينهم من قام بتحكيم عقله وضميره وإلتحق بزملائه تجسيدا لدور الحكومة ولمنطق رئيسها نجيب ميقاتي في خدمة اللبنانيين.

اللافت، أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي لعب أمس الأول دور “مايسترو” التعطيل في الاتصالات وإعتماد لغتيّ الترهيب والترغيب لثني الوزراء عن حضور الجلسة، وأوحى لأنصاره بأنه يتجه نحو تحقيق إنتصار كبير على شعب لبنان العظيم، بالغ في الكيدية السياسية التي مارسها حتى إنقلب السحر على الساحر، وإنعقدت جلسة مجلس الوزراء رغما عنه، وفقا لأحكام الدستور بالدرجة الأولى، وبنصاب الثلثين بالدرجة الثانية، حيث أقرت البنود التي تتعلق بصحة اللبنانيين ومعيشتهم.

لا شك في أن باسيل هو الخاسر الأكبر وعلى أكثر من صعيد، سواء في إنعقاد جلسة مجلس الوزراء التي بذل كل ما بوسعه لتعطيلها، أو في الخرق الذي شهده تكتله النيابي بمشاركة الوزير جورج بوشيكيان في الجلسة، أو في الصورة السيئة التي ظهر عليها موفده الوزير هيكتور حجار، أو في خسارة من تبقى له من حلفاء بفعل “الهستيريا” البرتقالية التي ضربت يمينا وشمالا وخوّنت كل من شارك في الجلسة ولم توفر حزب الله، أو في الأزمات التي يواجهها مع أركان وصقور تياره والمرشحة لأن تتنامى في ظل الاتهامات التي توجه إليه بأن أصبح بطل المعارك الخاسرة ويقود التيار الى الهاوية، أو في سعيه لحرمان مرضى السرطان وغسيل الكلى من علاجهم.

كل ذلك، أظهر أن باسيل بدأ يعود الى حجمه الطبيعي بعد إنتهاء عهد عمه ميشال عون، وكما كان متوقعا فإن المنطق الكيدي الذي يتبعه لم يعد له مكانا في الحياة السياسية التي لا ينتصر فيها إلا منطق خدمة الناس الذي جسده نجيب ميقاتي في دعوته لعقد جلسة لمجلس الوزراء وفي الجهود التي بذلها لانجاحها وإنقاذ من هم بحاجة الى إنقاذ.

  


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal