أعطت جلسة مجلس النوّاب التي عقدت أمس من أجل تلاوة رسالة رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون بشأن إستقالة الحكومة ومناقشتها، فكرة واضحة عما ينتظر البلاد خلال الأيّام المقبلة من سجالات ومناقشات حامية، لا يتوقع لها بأنّ تنتهي قبل إنتخاب رئيس للجمهورية خلفاً لعون، الذي انتهت ولايته في 31 تشرين الأوّل الماضي.
ففي بلدٍ إعتاد مسؤولوه وناسه على الإختلاف حول كلّ شيىء، حتى حول جنس الملائكة، كان طبيعيا أن يختلف النوّاب حول الرسالة التي وجّهها عون إلى المجلس النيابي قبل أيّام من نهاية ولايته الدستورية، بين مؤيّدٍ وداعمٍ لها، وبين رافضٍ ومعارضٍ لها.
رئيس التيّار الوطني الحرّ النّائب جبران باسيل، والذي يأتي على رأس المؤيّدين لرسالة عون، المنتقدين والمصوّبين على حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، رأى أنّ ما أسفرت عنه الجلسة “إعترافٌ من الجميع بأنّ الحكومة لم يعد بإمكانها الإجتماع، إلا إذا حدث أمر طارئ بموافقة كلّ المكوّنات”، وهو موقف سايره فيه نائب رئيس القوّات اللبنانية النائب جورج عدوان، برغم العداوة التاريخية والخصومة السّياسية بين الطرفين، عندما اعتبر عدوان بأنّ “حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تنتقل إلى سلطة نافذة في البلد، لأنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى حكومة مجتمعة، وبالتالي لا يمكن أن تنتقل إلى حكومة تصريف أعمال”.
لكنّ هذين الموقفين لم يحولا دون صدور توصية من مجلس النوّاب، وبالأكثرية، “بمُضيّ حكومة تصريف الأعمال قُدماً في مهامها وفق الأصول الدستورية على ألّا تجتمع إلّا بالحالات الإستثنائية، لحرص المجلس على عدم الدّخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الإستقرار في مرحلة معقّدة وخطيرة إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسّسات”.
لكنّ هذا السّجال لم يكن الوحيد الذي شهده يوم أمس مجلس النوّاب، فقد تشعبت المواقف وذهبت في اتجاهات شتّى. رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رأى أنّ “المجلس النيابي يتحوّل عند الفراغ الدستوري إلى هيئة ناخبة، وبالتالي لا يحقّ له الشروع بأيّ عمل آخر إلّا انتخاب رئيس للجمهورية”، ما دفعه لاحقاً لمغادرة قاعة المجلس مع نوّاب حزبه، وهو موقف سار على منواله عدد من النوّاب المستقلين ونوّاب التغيير، الذين أعلنوا في بيان أنّ المجلس النيّابي تحوّل منذ انتهاء ولاية عون “إلى هيئة انتخابية مُلتئمة بشكلٍ دائم لانتخاب رئيس الدولة، ليس إلاّ، ولا يحقّ له مناقشة أيّ أمر،ٍ ولا يحقّ له القيام بأيّ عملٍ سواه”.
كلّ ذلك حصل والفراغ الرئاسي لم يمضِ عليه أكثر من 3 أيّام، فكيف سيكون الحال بعد مرور أيّام أخرى وأسابيع وأشهر وربما سنوات، وكرسي الرئاسة الأولى في قصر بعبدا شاغر، وهل هناك من سيُلجم هذا السّجال السّياسي ويبقيه تحت السقف، وأن لا يتحوّل إلى أزمة سياسية قد تترجم سجالات وطائفية ومذهبية، وتنتقل ‘لى الشارع على شكل توتر أمني متنقل بين مختلف المناطق، خصوصاً أنّ الفراغ الرئاسي لا يبدو أنّ نهايته ستكون قريبة.
Related Posts