في وقت تغرق فيه البلاد بالأزمات الاقتصادية اكثر فأكثر، يستمرّ السجال حول دستورية استلام حكومة تصريف الاعمال زمام الحكم في حال حصول شغور في سدة الرئاسة الاولى بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في ٣١ تشرين الاول المقبل.
وما زاد الطين بلة، الكلام الذي نقل منذ أيام عن الرئيس عون حينما قال “اغادر القصر اذا كان يوماً طبيعياً”. فالعبارة الملتبسة هذه ادّت الى استنتاج سيناريوهات عديدة بعضها ايجابي والآخر سلبي. فهل سيقرّر رئيس الجمهورية عدم الخروج من قصر بعبدا في حال لم يتم انتخاب خلف له؟
في السياق، يشير الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر الى اننا “لا يجب ان نصل الى هذا السيناريو. فالدستور صريح، هذه ولاية لها نقطة انطلاق ونهاية. وبإنتهائها ينتهي دور رئيس الجمهورية ويعود مواطناً عادياً. هكذا يجب ان تسير الامور”.
ويضيف: “الدستور اللبناني يرفض الفراغ. وقد نص على ذلك عبر المادة ٦٢ حينما قال
“في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء”. ولم يميز الدستور بين مجلس وزراء لديه ثقة او مجلس وزراء بكامل الصلاحيات او حكومة تصريف اعمال، لان هذه تعبئة فراغ.
وحول ما اذا كنا سنكون امام سيناريو العام ١٩٨٩ عندما اصبح في البلد حكومتين فيقول القاضي صادر: “رغم ان كل شيء ممكن في لبنان الا ان الكلام عن سيناريو الحكومة الثانية يبقى في اطار التكهنات. اذ ان هناك رئيس حكومة حاصل على تكليفه من المجلس النيابي لا يمكنه تخطيه. ولتعيين حكومة جديدة يجب الغاء هذا التكليف”.
وبحسب رئيس الشورى السابق، فإنه “لو كان رئيس الجمهورية هو من يعين رئيس الحكومة لأمكنه سحب التكليف منه عملاً بمبدأ موازاة الصيغ. انما التكليف آت من المجلس النيابي وبالتالي لا يحق للرئيس سحبه”.
ويختم القاضي صادر كلامه بالتأكيد على ان “العبرة الوحيدة التي يجب استخلاصها والعمل على اساسها هي ان الدستور يكره الفراغ”.
اذاً، في بلد العجايب، وفيما بات الدستور في مهب الاجتهادات السياسية لكل طرف حسب مصالحه، يبدو ان الطريق الى انتخاب رئيس للجمهورية معبّد بالألغام وبتاريخ مظلم قد يعيد نفسه. فهل من يعي ويتّعظ قبل فوات الأوان؟
Related Posts