بدأت تتولد قناعة لدى أكثرية اللبنانيين أن قرارا قد إتخذ بالتكافل والتضامن بين رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل بعدم مغادرة قصر بعبدا، وأن كل ما يحصل اليوم من تعطيل لتشكيل الحكومة وتبادل أدوار ورفع سقوف سياسية وإستهداف للدستور هو مجرد مقدمة لما سيكون عليه الوضع بعد 31 تشرين الأول المقبل.
كان واضحا تبادل الأدوار بين عون وباسيل، فالثاني لم يترك طرف سياسي من شره بما في ذلك الحلفاء، وإعتبر في مؤتمره الصحافي أن تسلم حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئاسة الجمهورية يُعتبر إغتصابا للسلطة، مهددا ومتوعدا بالفوضى والنزول الى الشارع في حال حصل هذا الأمر.
وعلى قاعدة “باسيل بـ دكّ وعون بقوّص”، فقد لاقى رئيس الجمهورية كلام صهره التصعيدي بكلام أكثر إثارة للجدل، عندما أعلن صراحة أنه ليس بصدد تسليم صلاحياته الى حكومة تصريف الأعمال، وأنه في حال قرروا أن “يزركوه” سيكون هناك علامة إستفهام حول موقفه، وذلك في محاولة واضحة لتحضير الأجواء لعدم المغادرة وللفوضى الدستورية التي ستلي هذا التصرف الذي لا يطلق عليه في حال حصوله سوى “إغتصاب للسلطة”، كونه لا يوجد أي مسوّغ دستوري لا نصا ولا إجتهادا يفتي بجواز أن يبقى رئيس الجمهورية لحظة واحدة في قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته.
تعددت الأسباب وشهوة السلطة واحدة، حيث يبدو من سلوك باسيل الذي يفرض نفسه على الرئيس عون، أن كل الغبار التي يحاول إثارتها حول الحكومة والصلاحيات هدفها واحد وهو عدم ترك الحكم من دون ضمانات سياسية للمرحلة المقبلة، لذلك، فإن عون الذي يعمل جاهدا على تلبية رغبات صهره، يعطل تشكيل الحكومة بالرغم من تجاوب الرئيس المكلف مع مطالبه كافة، ويرفض في الوقت نفسه تسليم الصلاحيات لحكومة تصريف الأعمال، ويوحي بعدم مغادرة قصر بعبدا، ويلوح بالفتنة الدستورية التي سيكون لها إرتدادات وتداعيات خطيرة على الوضع العام خصوصا في ظل تنامي الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي جعلت أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر.
لا شك في أن باسيل قد دخل في سباق مع الوقت، وكلما إقترب موعد إنتهاء ولاية عمه، كلما إزداد تشنجا وتخبطا وصولا الى “الهستيريا” التي تتملكه عند كل خطاب وتترجم في مواقفه السياسية، فالرجل في حال لم يلحق نفسه في إيجاد دور له سواء في تشكيل الحكومة أو في عدم مغادرة عون قصر بعبدا، أو في الحصول على ضمانات، فإنه سيدخل في دائرة النسيان، ويتحول الى مجرد رئيس كتلة نيابية لا نفوذ له ولا تأثير سوى ما يمكن أن يقوم به من معارضة لا تسمن ولا تغني من جوع، لذلك، فهو يخوض بدعم من الرئيس عون معركة حياة أو موت، لكنهما سويا يغامران بمستقبل لبنان واللبنانيين، تماما كما غامر الجنرال عون في العام 1989 ودفعت البلاد والعباد ثمنا باهظا من الأرواح والممتلكات، فهل يعي رئيس البلاد مخاطر ما قد يقدم عليه؟، وهل يستدرك قبل فوات الأوان؟، أم أن المعركة أصبحت “علييّ وعلى أعدائي”، مهما كانت النتائج ومهما كانت الخسائر التي ستلحق بأبناء هذا الوطن؟!..
Related Posts