الهستيريا الباسيلية في أعلى تجلياتها!… غسان ريفي

في كل لحظة يقترب فيها من إنتهاء ولاية عمه رئيس الجمهورية ميشال عون، يُدرك جبران باسيل أنه ذاهب الى مساحة واسعة من اللا نفوذ، ما يعني ضعفا سياسيا، وتراجعا شعبيا، وإنعداما في التأثير والنزول من البرج العاجي الى أروقة النسيان التي لا تكسرها سوى المواقف النارية ـ الفتنوية التي تتزايد فيها نوبات “الهستيريا” لتصل الى أعلى تجلياتها.

لم يقدم باسيل في مؤتمره الصحافي أمس شيئا جديدا، فكل مواقفه كانت عبارة عن تكرار وتناقض وتنصل من مسؤوليات ورمي إتهامات وقصف لجبهات الخصوم أو ربما الأعداء، ما يشير الى الواقع النفسي المرير الذي يتخبط به، والى شهوة السلطة التي تتملكه وتدفعه الى الاستئثار بها والحفاظ عليها بأي ثمن، على قاعدة “أنا أو لا أحد”، والتهديد العلني بأخذ البلاد الى الفوضى أو الخراب الكامل، ما يعيد الى أذهان اللبنانيين ذكريات أليمة كانت نتيجة هذا الاستئثار بالسلطة في العام 1989.

بات واضحا أن باسيل يتعاطى بشخصانية مطلقة، فلا يقيم وزنا لسياسة، ولا لتوازنات، ولا لدستور، ولا لقانون، ولا لحلفاء، ولا لوحدة وطنية وسلم أهلي وعيش مشترك، بل كلما شعر أنه يتجه على المستوى الشخصي نحو الخسارة أو التراجع أو فقدان السلطة، كلما إرتفع لديه “أدرنالين” الشر الذي يقف عائقا أمام أي حل بالرغم من الظروف الصعبة التي ترهق كاهل اللبنانيين الذين يفتشون عن “حج خلاص”، بينما يفتش باسيل عن مصالحه ولو أدى ذلك الى إحراق الأخضر واليابس.

بين الحين والآخر، كانت “طارة القداسة” ترتسم فوق رأس باسيل خلال مؤتمره الصحافي، لدرجة أنه كاد أن “يرشح زيتا”، وهو يتحدث عن الصدق والأمانة والاخلاص والعمل الدؤوب لخدمة الناس، ويبرئ نفسه من كل الموبقات التي أدت الى إنهيار البلد، نافضا يده منها ومحملا إياها الى “الخصوم” الذين تآمروا عليه و”ما خلوه” يقدم للبنانيين العيش الرغيد، متناسيا 16 سنة من الهيمنة على وزارة الطاقة وإهدار عشرات المليارات للوصول الى صفر تغذية في الكهرباء في العام 2022، وكذلك سد المسيلحة الذي تحول الى صحراء قاحلة، والمشاريع المشبوهة والصفقات وتقاسم المغانم تارة مع هذا الفريق وتارة مع ذاك بحسب المصالح والأهواء السياسية، وغير ذلك الكثير، ضاربا بعرض الحائط ذاكرة اللبنانيين وذكائهم ونكاتهم الحاضرة التي إجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تهكما وسخرية عليه.

يبدو أن باسيل الذي يتجه نحو بطالة سياسية، بدأت تستهوية لعبة “الأبطال والخائنين” التي جسدها أمس في مؤتمره الصحافي، حيث رسم لنفسه صورة البطل الذي يتكاثر عليه “الخائنون” لمنعه من القيام بأي إنجاز ولاضعافه، فيما هو يستمر في مقاومتهم ولا يضعف أو يستكين، وذلك في سيناريو بائد لم يعد ينطلي على أحد، خصوصا بعدما كشف باسيل عن مزيد من الوجه البشع عندما هدد اللبنانيين بالحرب في حال لم يصل الى مبتغاه السياسي في تشكيل حكومة على قياسه.

تابع باسيل أمس مسلسل “التهويل” فهدد وتوعد في حال تسلمت حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية بعد 31 تشرين الأول المقبل، معتبرا أنها ستكون “حكومة مغتصبة”، متناسيا أنه إغتصب وزارة الطاقة لـ 16 عاما، وإغتصب أموال اللبنانيين بالمشاريع الوهمية، وإغتصب تطلعاتهم بالتعطيل، ولا تزال شهوته تدفعه الى المزيد، خصوصا في ظل ما يفكر فيه من إغتصاب لرئاسة الجمهورية بإبقاء الرئيس عون في قصر بعبدا، أو إغتصاب الدستور بهرطقات لا تمت إليه بصلة.

في ظل هذا الجو المشحون، لم ينس باسيل أن يترك مسحة كوميدية من ضمن القصص والمسلسلات التي عرضها للبنانيين، ففي ظل كل هذا الجو المشحون والتهديد بالحرب والمجاعة، ووسط الانهيار الكامل، والأزمات التي تتوالد يوميا وترخي بثقلها على الوطن بأسره، تباكى باسيل وإنتقد بشدة الدولة لعدم تكريس 1 أيلول (ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير) عيدا وطنيا.. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal