“أرقام صادمة”.. هكذا وصفت نائبة الممثلة الخاصة لليونيسيف في لبنان إيتي هيغنز الأرقام التي أوردها تقرير اليونيسيف عن الشباب في لبنان، الذي أشار الى أنّ 70 بالمئة من الشباب اللبناني بات عاطلاً عن العمل، وأن 55 بالمئة منهم تركوا المدارس.
هذه الأرقام الصادمة وغير المسبوقة في تاريخ لبنان، أعطت مؤشّراً واضحاً عن حجم القعر الذي وصل إليه البلد جرّاء الإنهيار الذي يشهده، ودفع هيغنز إلى إبداء قلقها “حيال هذه الأرقام التي تؤثّر على التربية على كامل الأراضي اللبنانية”، معتبرة أنّه “إذا لم يتمكّن الشباب من العمل، ولم تسنح لهم الفرصة بمواصلة تعليمهم وتربيتهم فمستقبل لبنان سيكون في خطر”.
الصدمة لم تتوقف عند الأرقام فقط، بل تجاوزتها إلى تطلعات الشباب، وهم العنصر الذي يعتمد عليه أيّ بلد للنهوض والتطوّر والخروج من الأزمات، فقد أعرب أكثرهم برأيّ هيغنز عن “فقدان آمالهم بالمستقبل وبات كثيرون يريدون السفر للبحث عن فرص عمل، بعد ما بات الكثير منهم عاطلاً عن العمل، ويواجه مخاطر كبيرة على المستوى المالي”، مضيفة أنّه إلى جانب إزدياد نسب البطالة في لبنان “نواجه أيضاً إزدياداً في مشاكل الصحّة العقلية!”.
وحسب تقرير اليونيسيف، فإنّ “هناك 22% من الطلاب تركوا المدارس وفق تقرير لوزارة التربية، بعدما تراجع عدد المسجلين في المدارس الرسمية من 380 ألف تلميذ في عام 2021، إلى 284 ألف تلميذ مسجل في عام 2022″، كما أنّ هناك 45 ألف طالب من أصل 380 ألف تركوا المدارس ولا يعلم أحد وجهتهم، قد يكون جزء منه قد غادر لبنان، ولكن يرجّح أن يكون القسم الأكبر منهم ترك الدراسة بسبب عدم قدرة الأهل المادية على تعليم أبنائهم، ما اضطرهم إلى البحث عن عمل لمساعدة عائلاتهم، لأنهم باتوا عاجزين عن دفع بدلات النقل إلى المدارس أو حتى تأمين “سندويش” لأولادهم إلى المدرسة”.
وعلى الرغم من المشاكل الكثيرة التي تعاني منها المدارس الرسمية، فإنّ أزمات المدارس الخاصّة تنذر بأنّ اعداداً هائلة من التلاميذ سينتقلون من المدارس الخاصّة نحو المدارس الرسمية، نتيجة عدم قدرة الأهل على دفع أقساط أولادهم وتكاليف تعليمهم فيها، وهي التي شهدت إرتفاعاً كبيراً في أقساطها، بات يفوق قدرة أغلبهم على دفعها، خصوصاً موظفي الإدارات الرسمية الذين ما تزال رواتبهم على حالها منذ بداية الإنهيار قبل قرابة 3 سنوات.
يُضاف إلى ذلك أنّ العام الدراسي بأكمله بات مهدّداً نتيجة توجّه أساتذة التعليم الرسمي إلى الإضراب بسبب عدم زيادة رواتبهم وبدل النقل، فضلاً عن ضغوط المنظمات الدولية المانحة من أجل دمج الطلاب السّوريين النّازحين مع الطلاب اللبنانيين، وفي إلغاء دوامي قبل الظهر للبنانيين وبعد الظهر للسّوريين، وهو ما أعلن وزير التربية رفضه.
ما سبق يُنذر بأنّ إنفجاراً إجتماعياً مقبلا دون أدنى شكّ، وأنّ العاطلين عن العمل والمتسرّبين من المدارس سيجدون الشّوارع ملاذاً وحيداً لهم، وهذان الأمران هما مقدمة أيّ حرب أهلية قد تقع في أيّ بلد في العالم، فكيف في بلد مثل لبنان لم يخرج منها بعد؟.
Related Posts