لبنان على موعد مع استحقاق انتخاب رئيساً للجمهورية، نتمنى ألاّ يقارب هذا الاستحقاق كما درجت العادة في لبنان باستجداء تدخلات إقليمية ودولية، وكذلك للقوى السياسية الفاعلة في لبنان.
المطلوب رئيساً يشكل أملاً لكل اللبنانيين، وأن يكون صاحب مشروع إصلاحي حقيقي قادراً على تخطي واقع التجاوزات القائمة، وعلى نواب المجلس اللبناني الحالي ذو اللون الواحد والخط السياسي المتقارب أن يتبنّوا اسماً معتدلاً، نظيف الكف ولديه الصفات المؤهلة ليستحق لقب “فخامة الرئيس”، بالمقابل على المرشحين لكرسي الرئاسة التوجه إلى ضمائر النواب بدلاً من الاستجداء الذي يمارس اليوم، وذلك على غرار الدول الديمقراطية العريقة، حيث تطبق أصول الإجراءات الوطنية السليمة للوصول إلى سدة الحكم، يصاحبها لبرنامج سياسي وطني قابل للتنفيذ، برؤية واضحة المعالم بعيداً عن الالتباس الدارج. المعركة طاحنة لا قواعد لها، كثيرون يطمحون للوصول إلى غاية منشودة واحدة وهي “كرسي بعبدا”.
المرشح الرئاسي الصادق عليه التنبه واتخاذ القرار المناسب قبل فوات الأوان، والتسلح ببرنامج وطني يخدم الإصلاح الإداري العام للدولة، مؤكداً الحفاظ على الاستقلال والسيادة لسياج الوطن واضعاً جانباً خدمة من هم مرتبطون بالخارج والابتعاد الكلي عن حروب المنطقة والإقليم.
إن موعد استحقاق الرئاسة بات وشيكاً لذا وجب على النواب الجدد، المستقلين والتغييرين أن يتفقوا فيما بينهم لاختيار رئيس متَّزِن، غايته الأولى خدمة الشعب ومحاربة الفساد بشتى صوره.
الوصول إلى نتائج بين الأطراف السياسية المتنازعة، يجب التوقف عند كل بند سياسي عليه خلاف وإيجاد الحل المناسب له والتوافق عليه، وأبرز هذه البنود التالي:
اولا: على الرئيس المكلف للحكومة الحالية بتصريف الأعمال أن يخطو خطوة جديدة ومميزة، يقابلها رئيس الجمهورية بخطوة مماثلة نحو الحل لأزمة إعادة تأليف الحكومة. لدى ولادة جديدة للوزارة دون عوائق من أي طرف سياسي والكف عن المهاترات التي تدور رحاها بين الجانبين المعنيين دون المساس بالثوابت الرئيسية وهي إضافة ستة وزراء جدد لتوسيع المغانم السياسية لهذه الطبقة الفاسدة على أن يتم التعديل الوزاري وازناً بين الطوائف وبمعيار واحد يطبق على الجميع.
هذا الإجراء الهام ينقل لبنان من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة نظامية تستطيع أن تتواصل مع المجتمع الدولي والإقليمي لتحقيق طلبات صندوق النقد الدولي، يصاحبه بالتوازي تنفيذ جميع الإصلاحات المطلوبة وكف يد الفساد في أرجاء الدولة.
ثانيا: المهم أن نصل إلى تشكيل وزارة جديدة وحكومة شرعية فاعلة يعترف لها القاصي والداني وإلا سنردد القول “التاريخ يعيد نفسه” هذا ما حدث سابقاً في قصر بعبدا والشعب اللبناني لن ينس ذلك التاريخ.
ثالثا: لزوم وجود وزارة جديدة تتزامن مع مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل من خلال المفاوض الأمريكي، في حال حصول أي فراغ رئاسي محتمل في سدة الحكم تنتقل مسؤوليات الدولة إلى جميع أعضاء الحكومة مجتمعين، حسب ما جاء في الدستور مادة 62 صفحة 45.
رابعا: قضية تفجير مرفأ بيروت، بعد تجاوزها السنتين، متوقفة ويجب تفعيلها وإعادة مهام المحقق العدلي واستمرار التحقيق حتى صدور القرار الظني. وبالمقابل الجسم القضائي المتوقف عن الأداء بسبب إضراب القضاة وتفعيله من جديد.
خامسا: ملف الطاقة وتأمين الفيول والمازوت لزيادة ساعات التغذية للتيار الكهربائي والبت في ملف اختيار الهيئة الناظمة للكهرباء لأهميتها بطلب من المجتمع الدولي.
سادسا: وقف التهريب إلى خارج الحدود اللبنانية والاهتمام بالأمن الغذائي.
سابعا: إعادة هيكلة البنوك ودمج المتعثرين منها مع التأكيد على مستحقات جميع المودعين بدون استثناء، اللبنانيي الجنسية وغيرهم.
ثامنا: تشريع كل من قانون الموازنة وقانون الكابيتل كونترول أصولا.
تاسعا: إعادة النظر في سعر الدولار الجمركي وأن يتدرج بالصعود على مراحل مدروسة تتناسب مع دخل المواطن اللبناني حتى يمكن استيعاب هذه القفزة أي 13 ضعفاً لسعر الدولار الرسمي الحالي وفي حال تم تطبيقه بقيمة 20,000 ليرة لبنانية سيتم التهريب والتهرب الضريبي والجمركي على مساحة الأراضي اللبنانية دون رقيب أو حسيب.
عاشرا: ملفات أخرى عالقة لم تُحَلّ ينظر إليها، منها الاستشفاء، التعليم وأجور الأساتذة والمدرسين. وفي هذا الخصوص على الدولة أن تعيد الدراسة ملياً في سلم الرواتب ووقف تدهور عجلة الاقتصاد في لبنان على أن تشمل موظفي القطاع العام.
ويبقى ملفين من الأهمية بمكان أولهما عدم إقحام الدولة من جديد في مزيد من التجنيس فلدينا نازحون منتشرون في كافة الأراضي اللبنانية بلغوا حتى الآن مليون ونصف نازح سوري تتناقله جميع وسائل الإعلام كل يوم دون حراك للدولة ونتيجة مرجوة.
من المسلم به دستورياً من تاريخ اليوم وحتى 28-9-2022 المجلس النيابي مفتوح لتشريع كل ما ذكر أنفاً دون مشكلة وعند بلوغ موعد التاريخ 31 تشرين الأول 2022 يصبح المجلس مشرعاً لانتخاب رئيس الجمهورية بتحديد من قبل رئيس المجلس النيابي ولا مكان فيه سوى لانتخاب رئيس ولا مكان فيه للتشريع.
ومن المهم بمكان أن الدستور يلحظ في حالة وقوع فراغ رئاسي ينتقل حكماً إلى الحكومة النظامية كانت أو حكومة تصريف أعمال لتسيير أعمال الدولة، كما أن الدستور ينص على أن استحقاق تاريخ 31/10/2022 أنه قرار وليس خيار بمغادرة رئيس الجمهورية قصر بعبدا.
ما أخافه هو أن الفساد قد تغلغل إلى فئات معينة من طبقات المجتمع اللبناني وهذا نذير شؤم للوطن وملامح أولية لمرحلة البدء بالانحلال الشامل للدولة والشعب معاً.
ما يحدث اليوم في لبنان يرسُمُ لوحة قاتمة ومعبرة عن فساد الطبقة السياسية المستمر، بل يزداد ويتكاثر في زمن عرف بعهد الإصلاح والتغيير.
نتمنى خلال هذين الشهرين القادمين أن تتغير مجاري الأمور كلها ويبدأ موسم الحلول والحصاد تباعاً. آملين أن نصل بلبنان إلى غد مشرق تعود البسمة فيه إلى مواطنيه وكفى لبنان صراعاً مع المجهول.
عاش لبنان…. حراً، سيداً ومستقلاً.
الكاتب: المهندس شفيق ملك
Related Posts