ثمة من يقول، لو كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حريصا على عمه الرئيس ميشال عون لسارع الى بذل كل ما لديه من جهود من أجل تشكيل الحكومة، خصوصا أن إنتهاء عهده الرئاسي على فراغ حكومي من شأنه أن يُكمل دائرة الفشل التي أحاطت به على مدار ست سنوات مرت عجافا على شعب لبنان العظيم.
يبدو أن باسيل لم يعد يعنيه من هذا العهد سوى تحقيق مصالحه سواء في تشكيل حكومة على قياسه، أو في السعي لتمديد نفوذه ليدخل شريكا مضاربا في الحكم مع الرئيس الجديد، وإذا لم يحصل ذلك، فعندها “علييّ وعلى أعدائي” بضرب الدستور وتعريض البلاد والعباد لمخاطر كبرى بفعل هرطقات دستورية يسعى الى إستنباطها للحؤول دون تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية الى حكومة تصريف الأعمال، بما في ذلك التمهيد لابقاء الرئيس عون في قصر بعبدا بحجة عدم التسليم للفراغ، في مشهد يعيد الى الأذهان الأثمان الباهظة التي دفعها لبنان عندما جاء من أقنع عون بعدم ترك قصر بعبدا في العام 1989 حيث كان رئيسا للحكومة العسكرية.
بات معلوما أن الرئيس نجيب ميقاتي عمل كل ما بوسعه في الأيام الماضية لكي تبصر الحكومة النور، وهو في اللقاء الأخير أخذ هواجس الرئيس عون ومطالبه بعين الاعتبار، وقلص من التعديلات التي أدخلها على التشكيلة الحكومية، وكانت الأجواء إيجابية جدا لدرجة التكهن بإمكانية أن تتشكل الحكومة خلال ساعات، قبل أن يأتي باسيل وينسف التوافق الحاصل ويفرض على الرئيس عون صيغة جديدة لا تتناسب مع تطلعات الرئيس ميقاتي الذي وكالعادة كلما بادر الى إمكانية توافق مع الرئيس عون تعرض لصليات مواقف نارية مصدرها ميرنا الشالوحي باتجاهه للحؤول دون إستكمال مبادرته الايجابية.
واللافت أن فريق باسيل وبالرغم من التعطيل ومنع حصول أي توافق بين الرئيسين، يفرط في إشاعة أجواء من التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة وبأن الرئيس المكلف سيلبي مطالب الرئيس عون في توسيع الحكومة أو في تقديم هدايا سياسية لباسيل، وهو أمر لا يمت الى الواقع بصلة، بل يهدف الى إحراج رئيس الحكومة وإظهاره بأنه هو من يعطل المبادرات الايجابية للتيار البرتقالي لتشكيل الحكومة، في حين أن القاصي والداني بات على يقين أن هناك هناك شخص واحد لا يريد تشكيل الحكومة هو جبران باسيل.
لا شك في أن كل الأنظار تتجه اليوم الى الرئيس عون الذي تعاطى في اللقاء الأخير مع طرح الرئيس ميقاتي بإيجابية لا سيما لجهة حصر التعديل بوزيرين يسميهما هو بشرط عدم إستفزاز مرجعياتهما السياسية، بأن يدير الأذن الطرشاء لباسيل الذي يدرك بدوره أن الرئيس ميقاتي لن يتجاوب مع مطالبه ولن يقدم له هدايا وزارية أو سياسية.
كل ذلك، يضع الرئيس عون أمام خيارين، فإما أن يستكمل الايجابية مع الرئيس ميقاتي فتبصر الحكومة النور بما يحقق مصلحة اللبنانيين، أو أن يتجاوب مع طموحات باسيل ومخططاته الجهنمية ـ الفتنوية التي ستأخذ البلد الى ما لا يحمد عقباه.
Related Posts