التأليف يزداد صعوبة.. على وقع ″حفلة جنون″ دستورية!… غسان ريفي

ترك اللقاء الرابع بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي في قصر بعبدا أمس، إنطباعا بأن عملية تأليف الحكومة تزداد صعوبة في ظل نهجين متوازيين لا يمكن جمعهما أو الوصول الى قاسم مشترك بينهما.

بات واضحا أن رئيس الجمهورية يفتش في الحكومة المقبلة عن كل ما يمكن أن يخدم طموحات صهره رئيس التيار الوطني جبران باسيل الذي يتطلع الى الحصول على “تعويض نهاية خدمة” يعبد له الطريق لنقل النفوذ البرتقالي الى العهد الجديد، لذلك يطرح عون حكومة من ثلاثين وزيرا من بينهم ستة سياسيين تضمن لباسيل ثلثا معطلا ونفوذا أكبر وتمكنه من إجراء بعض التعيينات والتشكيلات، أو يسعى الى تجيير التعديلات التي أجراها الرئيس المكلف على تشكيلة الـ 24 وزيرا لمصلحة باسيل ليكون له اليد الطولى فيها.

في كل الأحوال، يبدو أن رئيس الجمهورية لم يعد يرى من الحكومة المقبلة إلا تحقيق ما يصب في مصلحة باسيل الذي يأخذ على عاتقه الترويج للفتنة الدستورية التي قد تطل برأسها في حال حصل الفراغ الرئاسي، وكان الخيار الاعتداء على الدستور بعدم تسليم صلاحيات رئاسة الجمهورية الى الحكومة.

في المقابل، يحرص الرئيس ميقاتي على إستمرار التشاور مع الرئيس عون في زيارات متتالية الى قصر بعبدا، تؤكد إنفتاحه ورغبته في تشكيل الحكومة، عله يصل معه الى صيغة إيجابية يمكن من خلالها أن تبصر الحكومة النور، بما يتوافق مع المصلحة الوطنية العليا وليس مع مصلحة شخص أو تيار سياسي، لذلك فإن ميقاتي يرفض رفضا قاطعا صيغة الثلاثين وزيرا، وهو يتمسك بالتشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الفائت، والتي يحاول قدر الامكان حصر التعديلات الوزارية فيها الى أدنى مستوى تلبية لرغبة رئيس الجمهورية، لكن بشرط مراعاة بعض التوازنات التي يحرص ميقاتي على إحترامها.

بدا من اللقاء الرابع في قصر بعبدا أن عون تحدث تصريحا أو تلميحا بأنه يرغب بتشكيل حكومة تلبي طموحات صهره جبران باسيل، بما يتعارض تماما مع تطلعات ميقاتي الذي يهدف الى تشكيل حكومة متوازنة لا تستفز أحدا، وقادرة على نيل الثقة في مجلس النواب، لذلك، فقد خرج ميقاتي من اللقاء بدون الادلاء بأي تصريح كونه لا يوجد ما يقوله للبنانيين أمام الانقياد الرئاسي لرغبات باسيل، لكن بعض المستشارين الباسيليين “قوّلوا ميقاتي ما لم يقله”، من خلال تسريب انه قال للصحافيين “للحديث صلة”، لكن مكتب ميقاتي سارع الى نفي ذلك، مؤكدا أنه “لم يقل شيئا”، في إشارة واضحة الى إتساع الهوة القائمة بين النهجين المعتمدين في تشكيل الحكومة.

تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الرئيس ميقاتي يصر على تشكيل حكومة تواجه أزمات اللبنانيين وتستكمل ما بدأته حكومة “معا للانقاذ” على صعيد صندوق النقد الدولي وملف الكهرباء وخطة التعافي ومعالجة أوضاع القطاع العام، وهو يرفض تشكيل حكومة تحت ضغط الاستحقاق الرئاسي وما يمكن أن ينتج منه، لذلك فهولا يقيم وزنا لكل التهويل الذي يحاول باسيل وتياره بالتعاون مع مستشاري بعبدا بثه حول تسليم الصلاحيات أو بعدم خروج الرئيس عون من قصر بعبدا، وما الى ذلك من بدع تعبر عن “حفلة الجنون” التي يقودها فريق العهد، لأن كل ذلك منوط بالدستور ونصوصه الواضحة والتي لا مجال لأي إجتهاد حولها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal