لهذه الأسباب يزور ميقاتي المرجعيات الدينية!… غسان ريفي

تشكل مواقف وزيارات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حيوية سياسية تتمثل بالانفتاح على كل المرجعيات الطائفية والسياسية، في مقابل تقوقع البعض ضمن دوائر ضيقة تجعلهم أسرى مواقف شخصية تتناقض مع مفهوم المصلحة الوطنية العليا الذي من المفترض أن يسود في زمن الانهيارات التي تطال الأوطان.

ربما تُزعج هذه “الحيوية الميقاتية” بعض التيارات السياسية، خصوصا تلك التي تحاول إضعاف الرئيس المكلف بحجة عدم توفر الميثاقية المسيحية تمهيدا لفرض شروط على عملية التأليف التي يسعى الى إنهائها في أسرع وقت وفق المعايير التي تتناسب مع واقع البلد، وبعيدا عن التسويات أو المحاصصات أو تقديم الهدايا الوزارية لهذا الفريق أو ذاك.

ينشغل البعض بالزيارات التي يقوم بها الرئيس ميقاتي الى المرجعيات الدينية لا سيما المسيحية منها، وتكثر التحليلات حولها والتساؤلات عما إذا كان الرئيس المكلف يهدف منها الى تقديم مبررات للتغييرات الوزارية التي أحدثها في التشكيلة الحكومية التي تقدم بها الى رئيس الجمهورية ميشال عون، وذلك في محاولة واضحة لاشاعة أجواء بعدم رضى مسيحي على الخطوات التي يقوم بها.

في الوقائع، فإن الرئيس ميقاتي يحظى بدعم كل المرجعيات الدينية بدءا من مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الذي أعلن الوقوف الى جانبه في مهمته وتأييد توجهاته في عملية التأليف، وكذلك من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي إنتقد بوضوح التيارات المسيحية التي لم تسمه، وهو يشدد على ضرورة مساندته وإزالة كل العراقيل من أمام عملية التأليف بما يحقق مصلحة اللبنانيين، وأيضا من راعي أبرشية بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة الذي يبارك توجهات ميقاتي ويدعم مسيرته في تشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة تكون قادرة على إخراج المواطنين من واقعهم المرير، فضلا عن العلاقة الممتازة التي تربط الرئيس المكلف بشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي أبو المنى.

لا شك في أن الرئيس ميقاتي يحاكي تطلعات المرجعيات الدينية التي تجتمع على ضرورة تشكيل حكومة تتابع مسيرة وقف الانهيار وتؤكد على عدم إمتلاك ترف الوقت، أما الزيارات التي حملت الكثير من التحليلات والتأويلات فهي تدخل بشكل طبيعي ضمن مهام الرئيس المكلف في إطلاع المرجعيات الدينية على أفكاره وعلى الصعوبات والعراقيل التي تواجهها عملية التأليف، وإذا كانت زيارة المفتي دريان كانت أكثر من عادية كونها تحصل بشكل دوري، فإن زيارة البطريرك الراعي في الديمان هي تقليد سنوي يتبعه الرئيس ميقاتي في مطلع تموز من كل عام سواء كان في السلطة أو لم يكن، وفي حال كانت الزيارة يوم أربعاء فتكون مناسبة لمشاركته في إجتماع المطارنة الموارنة، وقد حرص ميقاتي على هذا التقليد وبالتزامن لشكر الراعي على دعمه ومساندته ووضعه في أجواء ما يحصل على صعيد تأليف الحكومة.

وفي السياق نفسه تأتي زيارة المطران عودة والتي يقوم بها ميقاتي بشكل دوري بهدف التشاور الدائم، خصوصا أن عودة يحمل هواجس الناس، ويبارك خطوات ميقاتي ويؤكد أنه طالما نعمل بصدق ووطنية، فإن الإنقاذ سيكون قريبا.

تقول مصادر سياسية مواكبة: إن ما يقوم به الرئيس ميقاتي هو أمر طبيعي، خصوصا أن التشاور مع المرجعيات الدينية يشكل أولوية في ظل النظام الطائفي القائم في لبنان، كما أنه عندما تستقيل التيارات السياسية من مهامها سواء بالمقاطعة أو بالتعطيل أو بتقديم المصلحة الشخصية على المصالح الوطنية العليا، يتقدم دور المرجعيات الدينية التي تشكل الحاضنة الوطنية، خصوصا أنها الوحيدة اليوم التي تخاطب الناس بعقلانية!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal