حجب الثقة عن الحكومة في مجلس النواب.. هل يُسقط رئيس الجمهورية؟!!… غسان ريفي

دخلت البلاد في عطلة عيد الأضحى المبارك، لا سيما على الصعيد الحكومي الذي يبدو أنه متجه نحو مراوحة قاتلة بفعل الشروط والشروط المضادة، وسعي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى تشكيل حكومة تحقق كل طموحاته السياسية قبل إنتهاء عهد عمه الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل، ولو كان ذلك على حساب اللبنانيين الذين يواجهون أسوأ أنواع الأزمات في تاريخهم الحديث.

بات واضحا أن لا لقاء ثالثا بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي قبل عيد الأضحى، وبالتالي فإن أي لقاء قد يحصل لن يكون قبل يومي الأربعاء أو الخميس المقبلين، في ظل عدم تفاؤل في الوصول الى توافق أو الى قواسم مشتركة مع تمسك كل طرف بموقفه، علما أن الرئيس ميقاتي متقدم بالنقاط لكونه كان صاحب المبادرة في تقديم تشكيلة حكومية سريعة تعكس جديته في عملية التأليف واضعا الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، ومؤكدا إنفتاحه على أي تشاور أو نقاش في هذه التشكيلة أو في الأسماء التي جرى تعديلها، لكن يبدو أن الرئيس عون وفريقه السياسي برئاسة جبران باسيل يرفضون التشكيلة جملة وتفصيلا.

هذا الرفض، عبّر عنه باسيل في كلمته الأخيرة، عندما ضرب الدستور اللبناني بعرض الحائط، وأكد أن لرئيس الجمهورية الحق بالتدخل في تشكيل الحكومة وفي تسمية كل الوزراء وطوائفهم ومذاهبهم، في حين أن المادة الدستورية واضحة لا لبس فيها وتقول أن “مهمة تشكيل الحكومة منوطة بالرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية”، وثمة فارق كبير في النص بين التشاور مع الرئيس وبين أن يتدخل في كل شاردة وواردة في الحكومة.

كلام باسيل كان كفيلا بإعطاء العديد من الاشارات السلبية تجاه تشكيل الحكومة، خصوصا أن ما لم يقله تصريحا قاله تلميحا، بأنه يريد إستخدام حكومة العهد الأخيرة مطية لتمديد نفوذه السياسي الى العهد الجديد، وذلك من خلال إقالات وتعيينات وتشكيلات تمكنه من التحكم بالمؤسسات الرسمية، الأمر الذي لا يرفضه الرئيس المكلف بمفرده بل يرفضه السواد الأعظم الشعب اللبناني الذي ضاق ذرعا بهذه التصرفات التي تقدم المصالح الشخصية والمكاسب السياسية على المصلحة الوطنية العليا.

يبدو أن التحدي سيبلغ مداه بين باسيل متسترا بالرئيس عون وبين الرئيس المكلف الذي لن يقبل بفرض الشروط والاملاءات، وبالرغم من أن ميقاتي لا يريد الدخول في صراع مع العهد في أيامه الأخيرة، أو الاصطفاف ضمن محاور سياسية، لكن ثمة ثوابت ومسلمات لن يتخطاها، خصوصا لجهة عدم إستفزاز اللبنانيين بإبقاء وزارة الطاقة في عهدة التيار الوطني الحر بعد 17 سنة من الفشل وصولا الى صفر تغذية كهربائية وعتمة شاملة، أو إبقاء وزير الاقتصاد أمين سلام في وزارة الاقتصاد بعد الفشل الواضح الذي ترجم أزمات ومعاناة على كل صعيد وأبرزها طوابير الذل للبنانيين أمام الأفران للحصول على ربطة خبز.

لا شك في أن الخلاف الحكومي لم يعد على وزير من هنا أو إسم من هناك، بل أصبح خلافا دستوريا جوهريا حول من يشكل الحكومة وهو أمر خطير جدا ويطرح جملة تساؤلات لجهة: هل نحن أمام محاولات لتعديل دستوري بالممارسة في نهاية عهد عون؟، وكيف لرئيس الجمهورية أن يتدخل في كل الوزراء وبطوائفهم ومذاهبهم من دون أن يتحمل أية مسؤولية في ذلك؟، وكيف لرئيس الحكومة أن يطلب ثقة مجلس النواب لحكومة كان لديه شريك في تشكيلها؟.

كل هذه الطروحات مخالفة للدستور نصا وروحا وتشكل إعتداء صريحا على صلاحيات رئاسة الحكومة، إلا إذا كان تدخل رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة وفقا لطروحات باسيل، يُسقطه مع رئيس الحكومة في حال لم تنل الثقة في مجلس النواب!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal