تعقيدات تواجه تأليف الحكومة.. ما هي الخيارات المطروحة؟… غسان ريفي

بالرغم من تزويد دوائر قصر بعبدا بخارطة الكتل النيابية الجديدة التي أفرزتها الانتخابات النيابية، إلا أن رئيس الجمهورية ميشال عون ما يزال يتريث في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة مستفيدا من مهلة الـ 15 يوما المتاحة له، وذلك نظرا لضبابية المشهد الحكومي المقبل، ورغبة عون أن يكون هناك حدا أدنى من التوافق على شكل ومضمون الحكومة العتيدة، بدل أن تكون الاستشارات والتكليف مجرد قفزة في الهواء.

لم يعد خافيا على أحد حجم الصعوبات والتعقيدات التي تواجه تأليف الحكومة الجديدة، لا سيما في ظل التغيير الذي طرأ على موازين القوى في مجلس النواب بدخول قوى التغيير والثورة، وعدم إمتلاك أي فريق للأكثرية الواضحة، حيث تبين من جلسة إنتخاب رئيس ونائب رئيس وهيئة مكتب مجلس النواب، أن هناك أرضية مهيأة لـ”الأكثرية” تمتلكها قوى 8 آذار وهي قادرة مع بعض الاتصالات والتفاهمات أن تحولها الى أكثرية مطلقة (65 صوتا) كما حصل في الجلسة الأولى، والمفارقة أن أرضية هذه الأكثرية ليست موجودة لدى قوى المعارضة التي ما تزال قاصرة عن إيجاد إطار يوحدها في ظل الاختلافات والتباينات التي تسيطر عليها والتي أخرجتها من المولد بلا حمص في الجلسة الماضية.

يبدو واضحا، أن كل من الكتل النيابية أو حتى نواب الثورة والتغيير يغني على ليلاه، فهناك من يريد حكومة سياسية تمكنه من التحكم بالسلطة في حال حصول فراغ رئاسي، وهناك من يشدد على حكومة إختصاصيين مستقلين، وآخرين يطرحون حكومة تكنوقراط، أو حكومة سيادية تغييرية تشبه الجيل الجديد في المجلس، ما يعني أن الاستشارات في حال حصلت، وتم تكليف شخصية لتأليف الحكومة فإن مهمته ستكون مستحيلة في ظل هذا الانقسام العمودي، علما أن أحدا لا يمتلك ترف الوقت، خصوصا أن الأزمات تتصاعد وتلف البلاد من أقصاها الى أقصاها، ولا بد من تشكيل حكومة تستكمل مسيرة الانقاذ التي بدأتها حكومة تصريف الأعمال.

هذا الواقع يجعل الرئيس نجيب ميقاتي هو الأوفر حظا لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، خصوصا أنه يحظى بتغطية ومشروعية سنية، ولديه أرضية شعبية طرابلسية واضحة، وهو القادر في ظل التشظي النيابي السني على أن يشكل الخيار المنطقي والانقاذي لاستكمال ما بدأه في حكومته على صعيد التفاوض مع صندوق النقد الدولي والقضايا الخدماتية الأخرى.

لكن في الوقت نفسه، فإن ميقاتي الذي تحمل ما لا يطيق من حمله كرة النار في الحكومة الحالية، غير مستعد بحسب المصادر للخضوع لأي إبتزاز أو شروط أو إملاءات، خصوصا ان المهمة المقبلة هي لاستكمال العملية الانقاذية التي يجب ان يشارك فيها الجميع.

لذلك، ترى المصادر ان المرحلة المقبلة ستحمل خيارات عدة بالنسبة للحكومة، فإما ان يكون هناك تكليف للرئيس ميقاتي من دون تأليف وبالتالي يضطر الى توسيع مفهوم تصريف الاعمال لتسيير شؤون الناس، وهذا الامر قد يؤدي الى فراغ شامل في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، حيث سيكون لبنان امام فراغ رئاسي وحكومة تصريف اعمال، ومجلس نيابي من المفترض ان يعتبر هيئة ناخبة منذ الاول من ايلول المقبل.

او ان يصار الى القبول بتشكيل حكومة برئاسة ميقاتي على شاكلة الحكومة الحالية مع تعديلات وزارية تراعي التغيير الذي شهده مجلس النواب. 

أو ان يصار الى تكليف شخصية سنية تدخل في متاهات الخلافات السياسية، وتقع اسيرة مطالب الكتل النيابية فتقف عاجزة عن التأليف وصولا الى الاعتذار ما يعيد السيناريو الاول.

تقول مصادر مواكبة: إن المكابرة لم تعد تنفع ولا بد من حصول توافق نيابي ولو بالحد الادنى على خيارات انقاذية، خصوصا ان احدا لا يستطيع بمفرده فرض إيقاعه على البلاد، إلا اذا نجحت قوى 8 آذار في اعادة سيناريو جلسة مجلس النواب بمنح 65 صوتا للتكليف، ومثلهم للثقة، وعندها على المتضرر ان يلجأ الى المعارضة..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal