لا تشبه انتخابات عام 2022 سابقاتها لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون.. فلا حركة انتخابية في الشوارع ولا صور ولا يافطات ولا اعلام ولا مواكب سيارة ولا مهرجانات، الا في ما ندر، وذلك بفعل الازمة الاقتصادية الخانقة حيث يخشى المرشحون ان يطالبهم الناخبون بتحويل مصاريف هذه الشكليات الى مساعدات للفقراء الذين لا يجدون الطعام في منازلهم.
وما دون ذلك ثمة غضب غير مسبوق بفعل الازمات التي ترخي بثقلها على المواطنين لا سيما ازمة حجز الاموال في المصارف وجنون الدولار، وهناك احباط كبير ناتج عن غياب القيادات الاساسية في الطائفة السنية عن الترشح سواء اعتكافا او عزوفا، وايضا هناك خيبة امل من الثورة التي تشلعت على ابواب الانتخابات وانقسمت بين لوائح ثورية وتغييرية وسيادية ومدنية ومعارضة سياسة، ومعظمها بحسب الاحصاءات لن يحالفه الحظ كون الصحن الانتخابي الثوري صغير جدا والأكلة كثر.
كل ذلك يضع الشارع الانتخابي في عهدة “مجهول” يتحكم به ويأخذه حيث يشاء، فإما أن يقلب الطاولة بمشاركة واسعة تحمل التغيير الى مجلس النواب وتطيح بقسم من المنظومة السياسية، او ان يجدد الثقة بالسلطة والتيارات والاحزاب الحاكمة، او أن يفرض مقاطعة تجعل نسب الاقتراع هزيلة وتعرض المجلس الجديد لخطر فقدان الشرعية.
لذلك، فإن اكثر التيارات والاحزاب السياسية او اللوائح المستقلة او تلك التي تركب موجة الثورة او الممولة من بعض الشخصيات، فإنها تعتمد في انتخاباتها اعتمادا كليا على الماكينات التي تجمع اعدادا كبيرة من المندوبين لقاء مبالغ مالية طائلة للاستفادة من اصواتهم واصوات بعض افراد عائلاتهم.
والواضح ان ثمة تنافسا كبيرا بين أكثرية اللوائح على اغراء المندوبين بالمال قبل تجنيدهم لتأمين الاصوات المطلوبة للحواصل، ما يجعل الانتخابات النيابية اشبه بسوق نخاسة كل لائحة فيه تشتري الاصوات التي تحتاجها للفوز بالحواصل على هيئة مندوبين ملتزمين.
واللافت ان أكثرية تلك اللوائح ترفع شعارات محاربة الفساد وضرورة اعتماد الشفافية، فيما تبدأ مسيرتها السياسية بفساد شراء ذمم الناس وضمائرهم قبل اصواتهم، ما يُفقد الانتخابات ديمقراطيتها ومبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، حيث يكون الحضور الانتخابي ليس للأكثر علما وثقافة وفكرا بل للأكثر مالا.
يقول احد خبراء كرة السلة: إن كثيرا من الاندية اللبنانية كانت تجتمع قبل بداية الموسم وتدرس اوضاعها، فاذا ارادت المركز الاول في بطولة الدوري رصدت اربعة ملايين دولار في الموسم الواحد، واذا ارادت احد المركزين الثاني او الثالث فانها تحتاج الى مليوني دولار، والمركز الرابع بمليون دولار، وما دون ذلك اي خارج المربع الذهبي بخمسمئة الف دولار.
ويرى ان الانتخابات يبدو انها تسير على خطى كرة السلة، حيث بات عدد الحواصل يُقاس بحجم المال المدفوع للمندوبين الذين يخوضون مباريات جمع الاصوات، فهل تبقى الانتخابات مقتصرة فقط على من يهمه الامر؟، ام ان حماسة المغتربين واقبال الموظفين سيحرك الشارع الانتخابي ويقلب المعادلات؟!..
Related Posts