الانتخابات تعيد إحياء مشهد 8 و14 آذار.. التيار خسر بالنقاط وفرحة القوات لم تكتمل!… غسان ريفي

فتحت النتائج المفاجئة للانتخابات النيابية في لبنان المواجهة على مصراعيها بين القوى السياسية المنقسمة على بعضها، وأعادت عقارب الساعة الى تاريخ تشكيل فريقيّ 8 و14 آذار اللذين يبدو أنهما بُعثا من جديد، الأمر الذي يُنذر بتوترات سياسية محتملة بدأت بوادرها تظهر من خلال بعض التصريحات والاتهامات العالية السقف.

ثمة تشابه كبير بين المشهد السياسي الذي حل في العام 2005، وبين مشهد العام 2022، حيث ما يزال اللبنانيون يذكرون المآسي التي نتجت من غياب التوافق السياسي والتوازن والوطني، خصوصا أن المشهد اليوم يبدو أكثر خلافا وإختلافا وحساسية، وبالتالي فإن الصراع الذي بدأ مع لحظة إعلان النتائج الرسمية من شأنهافي حال لم يتم ضبطه من خلال التوافق على الخطوط الوطنية العريضة أن يقود البلاد الى إنقسام وفراغ دستوري يبدأ بعدم إنتخاب رئيس لمجلس النواب، وعدم التوافق على حكومة جديدة وربما يطول الأمر ويصل الى عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما يعني مزيدا من الأزمات معطوفة على الانهيار الاقتصادي والاجتماعي.

بدا واضحا من خلال سير العملية الانتخابية، أن معركة كسر العظم تركزت في الشارع المسيحي الذي يخوض هذا الاستحقاق تمهيدا للسباق الكبير الى قصر بعبدا، وهو كان يغلي قبل يوم 15 أيار، وزاد غليانه بعده بفعل النتائج الصادمة، خصوصا مع تقدم القوات اللبنانية على التيار الوطني الحر الذي قد يكون خسر بالنقاط بمجرد تراجع عدد نوابه، لكنه حافظ على كتلة وازنة، ولم تنفع ثورة 17 تشرين وما حملته من ضغوط وشعارات، ولا الحملة القواتية المبرمجة في الاطاحة برئيسه جبران باسيل الذي جدد فوزه في البترون، كما حقق فوزا كاسحا في عكار ونجح في إسقاط مرشح القوات وسام منصور.

وإذا كان تراجع التيار الوطني الحر شعبيا، هو أمر منطقي بعد ثلاث سنوات من الأخطاء الهجوم الشعبي وفشل العهد، فإن ما حصل في بشري ليلا من سقوط مدوٍ للنائب جوزيف إسحق، لمصلحة المرشح وليام طوق الذي شهدت دارته إحتفالات صاخبة، مقابل صمت مطبق وإطفاء للأنوار في مراكز القوات، يوازي كل النجاح الذي حققته في الدوائر الأخرى، خصوصا أن الخسارة في بشري عرين سمير جعجع التاريخي يعتبر زلزالا سياسيا سيكون له هزات إرتدادية عدة حيث للمرة الأولى منذ العام 2005 تخسر القوات مقعدا من مقعديّ بشري، الأمر الذي نغّص الفرحة القواتية التي يمكن القول أنها لم تكتمل.

ربما أخطأت القوات في حساباتها الانتخابية، فلم تعدل في توزيع الأصوات، وظلمت جوزيف إسحق لمصلحة تلميع صورة ستريدا وإعطائها أكبر عدد ممكن من الأصوات التفضيلية، ما أدى الى إسقاطه بنيران صديقة، في حين نجحت القوات وللمرة الأولى في إختراق طرابلس في المقعد الماروني وكذلك مقعديّ جزين، ما عوّض لها خسارتها في بشري وعكار..

وبالرغم من التركيز شبه الكامل على معركة التيار والقوات، فإن نتائج أخرى كان لها وقعها على تيارات سياسية مسيحية أخرى، حيث حافظ حزب الكتائب على كتلته وأضاف إليها مقعد سليم الصايغ في كسروان، ودخل حزب الوطنيين الأحرار عبر كميل شمعون بالتحالف مع القوات الى مجلس النواب للمرة الأولى أيضا، في حين غطت الصدمة القواتية بخسارة جوزيف إسحق في بشري لمصلحة وليام طوق المتحالف مع تيار المردة على تراجع التيار في دائرة الشمال الثالثة التي فاز فيها النائب طوني فرنجية في زغرتا، فضلا عن حصول لائحة “شمال المواجهة” على حاصلين كانا من نصيب ميشال معوض وأديب عبدالمسيح في الكورة، وفوز لائحة شمالنا بمقعد في زغرتا،  أما نعمت إفرام فأكد حضورا وازنا في كسروان، فضلا عن خروقات حققتها شخصيات مسيحية ثورية ومدنية في دوائر معنية كان لها صدى كبيرا، خصوصا أنها بدأت تؤسس لمرحلة يقول عنها الفائزون أنها تغييرية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal