الرابع من آب 2020 دوى إنفجار رهيب أرعب سكان بيروت وضواحيها ووصلت أصداؤه قبرص وأطلق عليه القنبلة النووية (رقم 3) عالمياً.
تحدّث عنه كل من في الكرة الأرضية وتناوله الإعلام من كل حدب وصوب، تحدّثوا عن كل جوانبه وكثرت فيه التحاليل، وبعد ما يقارب السنتين، لم يعرف حتى الآن ماذا جرى وما زال التحقيق مستمراً قضائياً (هذا ليس بيت القصيد)، فلندع نيترات الأمونيوم جانباً… كيف دخلت إلى لبنان وكيف عولجت.. وحتى هذه اللحظة لا ندري ما هي الأسباب ومن أدخل ومن فجّر النيترات ولماذا حدث هذا الإنفجار؟
محور هذا المقال هو إهراءات المرفأ…
إجتمعت الحكومة وقررت هدم إهراءات القمح التي تقع على أرض المرفأ في بيروت.
قرارها جاء بعد رأي الإستشاري المعروف محلياً وإقليمياً بحسن صيته وكفاءته، وإفادته ان هذه الصوامع تأثرت بشكل كبير من الصدمة بالإنفجار والذي حال أيضاً دون المزيد من الدمار في العاصمة.
لست بوارد التعليق على التقرير الفني للإستشاري فهو لم ينشر حتى الآن (ON-LINE)، كذلك لم أطّلع على تفاصيله، ولكن في التحليل الهندسي إنّ إنفجار له (Direct Dynamic impact) على الصوامع مما هدّم ثلثيها على الأكثر، وبالرغم من أن الصوامع منشأة على ركائز عميقة من الخرسانة المسلّحة أي (Deep R.C. concrete piles) الأمر الذي يمنع ميلانها فجائياً (Sudden Over Turning) ، هذا الوصف المقتضب هندسياً يتيح للقرّاء الكرام المزيد من المعرفة، أجزم أن التقرير جاء بذكر ميلان وهبوط في الصوامع (Inclination and Settlement)، ممّا يهدد وفي أي لحظة بأن تميل وتقع في محيطها المحتمل.
ولنقل في دائرة نصف قطر إرتفاع أو علوّ هذه الصوامع بحوالي 50 مترا من مستوى الأرض وهذا جد طبيعي.
إذاً إكتملت الفكرة.. إنطلاقاً ممّا تقدّم أؤكد:
أن التقرير أتى على ذكر التدعيم الدائم والمؤقت (The permanent and/or temporary shoring)، كذلك حول الصوامع لا يوجد منشأ أو مباني هامة قائمة يرتادها أشخاص يومياً.
وهذا هو المفترض، وفي حال إنقلاب الصوامع وميلانها وهبوطها لن تتجاوز ما أسلفت،
فلتضرب حول الصوامع (360ه) (حواجز مانعة Barriers) بنصف قطر الإرتفاع أي 50 مترا، ومنع أي إنسان من الإقتراب في هذه الدائرة (zone) حتى لا يتسبب بأي أذى في حالة الإنهيار الكامل وكذلك منعاً لإنتشار الغبار الكثيف المؤذي.
التقرير الفني قد يحتوي على إقتراح بتدعيم الصوامع منعاً لحدوث أي إنهيار، وأرى أن هذا إن وجد غير مجد، وهو بحد ذاته هدر للمال العام في بلد لا يحتاج إلى المزيد من الهدر.
خلاصة القول، وبمعزل عن الرأي الهندسي هذه الإهراءات لها رمزية خاصة ولا يجوز هدمها قبل الإنتهاء من التحقيق القضائي والجنائي، أقلّه حتى يصدر الحكم الظني فيه، أو الإبقاء عليها لتكون شاهداً تاريخياً على هول الحدث، وهنا نعود إلى فكرة التدعيم، لكن الحكومة أخذت رأي الإستشاري كقميص عثمان فأصدرت قراراً فورياً بهدم الإهراءات، فأعدم الساسة في لبنان مرفأ بيروت مرة ثانية.
ألا يستحق شعب لبنان بأكمله وخاصة أهلنا في بيروت، والمشهد المأساوي المروع الذي طال المباني والمحلات التجارية والمستشفيات والمدارس والفنادق والسيارات المحروقة ودور العبادة وأملاك المواطنين…
ألا تستحق دماء أكثر من مائتي شهيد وما يقارب من ستة آلاف جريح أن نحافظ على هذا الشاهد حتى إنتهاء التحقيق …
ويبقى القول، كفى إستهتاراً بدماء الشهداء وبقضايا اللبنانيين المحقّة…
عاش لبنان سيّدّاً حرّاً…
Related Posts