حرب أوكرانيا في لبنان!… شفيق ملك

الأحداث بين روسيا وأوكرانيا دخلت أسبوعها الرابع وسيكون لها تداعيات على الواقع اللبناني في لحظة من تاريخ لبنان المأزوم.

أقول كلمة ″أحداث″ وليس كلمة ″حرب″، كون الإعلام الروسي أصدر منعاً لإستعمال كلمة “حرب” وأغلق عدد من المحطات الإعلامية لإستعمالها هذه الكلمة (نقلاً عن الإعلام الأوروبي).

غوغل يعرّف ما يجري في القارة العجوز وتحديداً في وسط أوروبا حيث مسرح الأحداث على الحدود المتاخمة لروسيا بأنّه إجتياح شامل لأوكرانيا، الأمر المستغرب أنّه مع بدايات هذه الحرب، أطلق سياسيو لبنان موقفهم الرسمي فأحدث جدلاً في الإعلام اللبناني، وكان له  تداعيات وصلت حدود التراشق بالبيانات، تنصّل من تنصَل، ورفعت الأيادي وباتت الحقائق تظهر إلى الملأ وكأنّها صور باهتة وغير محددة المعالم من دون الوصول إلى المسؤول ومن أحكم نص صياغة هذه المواقف؟ الغريب في هذا الوطن العزيز أنّه مع الحدث بعيداً عن موقعه والمسافات الشاسعة التي تفصلنا عنه، المهم وقع الخلاف السياسي في لبنان وبدأ إصطفاف المحاور من دون مراعاة أمن وسيادة لبنان أولاً..

ان الدول الكبرى لم تحذو حذونا بل أخذت وقتاً كافياً لصياغة موقفها من الأحداث، الموقف اللبناني لم يرتق إلى حيز الوضوح والشفافية فجاء نقطة خلاف وسجال ليس إلاَ، مضيفاً إلى سجّل السجالات الطويل سجالاً جديداً في بلد يغرق بأزماته.

طبعاً المواقف اختلفت بإختلاف المحاور في ما بينها، وبحسب المفهوم السياسي والمصالح المشتركة، شريطة أن تتجنب هذه الدول الخسائر المباشرة على كافة المستويات، وهذا كلّه نتاج الأعمال العسكرية كما عرّفّها الروس في بيانهم لما يجري على أرض أوكرانيا كلها، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، فسقطت أعلام الحضارات قديمها وحديثها الواحد تلو الآخر.

الحرب في أوكرانيا يعتبرها البعض البداية، ما يطرح أكثر من سؤال يرتبط بالسباق بين لغة الحرب ومحاولة التسوية مع كل ما يعنيه هذا من خوف مبرر على الحضارة البشرية.

كيف نصف الحدث بعد أن اختلف الجميع، هل نصفه بالحدث الأكثر مرارة وقعاً في وسط أوروبا؟ أم أنّه تغيير جوّي مفاجئ قلّما يحدث في التاريخ، وأنّه منخفض جويّ متقلب وغير مستقر قادم من القطب؟ وأي قطب منهما الشمالي أو الجنوبي؟ شرقيّ النهج أم غربيّ؟.

“في الواقع ان هذه الأعمال العسكرية كما أعلنها الروس، هي إجتياح وغزو شامل لأرض أوكرانيا ذات السيادة، ويحمل في طياته كافة الأعمال العسكرية والحربية شاملاً كافة الأسلحة المتطورة من قبل دولة غلّبت الحل العسكري مستفيدةً من ترسانتها العسكرية الضخمة، وهي سبقت الحرب بما شاهدناه في البداية من تحركات عسكرية، وقبلها من تحضيرات وتجميع عسكري للألوية والمدرعات المتطورة والكمّ الهائل من الجنود الذي بلغ تعداده 150.000 جندي مسلّح (حسب وسائل الإعلام)، وقد قيل وقتها أنّها مناورة عسكرية وبإنتهائها ترجع كل هذه القوى إلى مراكزها الأولى في روسيا، انّه الخداع الاستراتيجي بأعلى درجاته حيث كان العالم أمام صورة مرّكبّة تركيباً معقداً.

ولنتوقف هنا قليلاً ونسأل أنفسنا أّلّم يستدعي إنتباهنا الأحرف “Z” و “V” الكبيرين المشار إليهما على آلاف المعدات الحربية، وكم من الوقت احتاج إلى إنجازها ومتى أخذ القرار أي قبل المناورات بوقت كاف أي “Predetermined” . ولماذا وضعت وماذا ترمز أصلاً أم أن هناك أحلام قديمة لأحد القياصرة في طريقها إلى الظهور.

أترك هذا كلّه بين يديّ كل قارئ لهذه السطور وتفسيرها.

لماذا لم يستدرك بعد المعنيون من الأقطاب والحلفاء من الدول الكبيرة المعنية في هذه الأحداث أن يتجهوا جميعاً الى الدبلوماسية السياسية وقاعات المفاوضات فوراً، وإطفاء الحرائق المشتعلة على كافة الجبهات وأن تتفادى الإنسانية مصيراً مجهول الهوية ونبعد وقع هذا الكابوس الخرافي الأشبه بـ”رأس الغول”.

النزوح الشامل داخل وخارج أوكرانيا يدمع العين ويحرّك المشاعر، ولا أنكر أنّه سيطرعلى أفكاري كلّها ونقلني إلى مكان آخر، نعم… تحيا السيادة، تحيا الحرية في كل مكان ولتبقى الكلمة الحرة سيدة الموقف، فلتتوقف آلة الحرب ولنبعد عن عالمنا شبح حرب عالمية ثالثة، قد تؤدي إلى نهاية للبشرية.

العالم مطالب برفع الصوت عالياً ومناشدة الدول المتخاصمة جميعها، لتتوقف هذه الحرب، كفى… لعلّ تطبيق قرار 141 دولة لإيقاف كل الأعمال العسكرية مقابل 5 دول مع روسيا و35 دولة تمنّعت عن التصويت(حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في نييورك)… يكفي.

فليعتبر المتناحرون جميعاً من دروس الماضي وأخص بالذكر الحرب العالمية الأولى والثانية التي دار رحاها في أوروبا كلها والتاريخ يشهد جيداً على آثارها في كل مكان.

لبنان وقع في حالة سياسية مربكة لا تفيد الاستقرار السياسي المطلوب في هذا الوقت من تاريخ لبنان المعاصر، أمّا في الاقتصاد حدّث ولا حرج بفقدان المواد الغذائية الأساسية والمواد التشغيلية وإرتفاع في الأسعار ممّا يزيد على كاهل المواطن اللبناني عبء التكلفة المتسارعة صعوداً. إضافة إلى النزوح والخروج اللبناني من مناطق النزاع وما يكشف عن الوجه الإنساني المؤلم.

حرب أوكرانيا في لبنان لها تداعيات سياسية وإقتصادية تؤسس لمأزق في بلد لا تعوزه المآزق.

الكاتب: المهندس شفيق ملك

المصدر: سفير الشمال


Related Posts


         

Post Author: SafirAlChamal