أكمل الرئيس فؤاد السنيورة عقد رؤساء الحكومات العازفين عن الترشح للانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل، بإعلانه عدم خوض هذا الاستحقاق كمرشح، وإستمراره في العمل الوطني، ما يعني أن مجلس النواب المنتخب سيكون من دون الرموز السنية الأساسية التي آثرت الانكفاء عن الانتخابات لأسباب لا تشبه بعضها، وتعود لحسابات كل من أعضاء نادي رؤساء الحكومات.
يمكن القول، إن الرئيس تمام سلام تقاعد طوعا، والرئيس فؤاد السنيورة تراجع قسرا، والرئيس سعد الحريري إعتكف جبرا، والرئيس نجيب ميقاتي عزف تعففا.
كان معلوما أن الرئيس سلام لن يخوض الاستحقاق الانتخابي هو لطالما كرر أمام مقربين منه بأنه يريد أن يرتاح وأنه لم يعد متحمسا للترشيح ومتطلباته، وقد كان منسجما مع نفسه ونفذ رغبته وبادر منذ البداية وبهدوء تام الى إعلان عزوفه عن الترشح.
في حين، لم يكن الرئيس السنيورة يتوقع أن تصل الجهود التي بذلها الى هذه النتيجة السلبية، حيث كان يتطلع الى إمكانية أن يلعب دورا سياسيا ـ نيابيا في ظل إعتكاف الحريري والعودة الى البرلمان على رأس كتلة سنية تعيده رقما صعبا في المعادلة أو تعبد أمامه طريق السراي الكبير، لكن قيادة تيار المستقبل نجحت في تطويقه في أكثرية الدوائر من عكار الى طرابلس الى صيدا الى البقاع، وكذلك في بيروت التي رفض نوابها وقيادات مستقبلية فيها الترشح ضمن اللائحة التي يسعى الى تشكيلها، وذلك إلتزاما بقرار الرئيس الحريري الذي لم يكن راضيا عن حراك السنيورة وعبر عن ذلك في الاتصال المتوتر الذي حصل بينهما، لذلك أيقن السنيورة أن القيادة الزرقاء ستلاحقه أين ما ترشح وستعمل على إسقاطه، لذلك قرر التراجع عن الترشح، والتأكيد عن إستمرار إنخراطه في هذه الانتخابات من أجل تحقيق مصلحة المواطنين الذين سيكون معظمهم غير معني بهذا الاستحقاق.
لم يعد خافيا على أحد، أن الرئيس سعد الحريري لم يتجه بإرادته نحو إعتكاف العمل السياسي مع تيار المستقبل وعدم خوض الانتخابات النيابية ترشيحا، وبالرغم من الأسباب السياسية التي قدمها خلال كلمة الاعتكاف وكل محاولات الترويج لها، لكنها لم تقنع أحدا خصوصا أن زعيم المستقبل خاض معارك أصعب بكثير في إستحقاقات ماضية وبوجود الأسباب التي ذكرها، في حين تؤكد المعطيات أن ظروفا وضغوطات إقليمية أجبرت الحريري على إتخاذ قرار الاعتكاف المؤقت، على أن يستفيد من فترة الاستراحة في حل أزمته المالية بالدرجة الأولى، وفي تنقية تيار المستقبل من بعض أصحاب المصالح الذين كشفهم الاستحقاق الانتخابي، وفي اعادة ترتيب البيت الأزرق بما يؤسس لانطلاقة جديدة عندما تنتهي فترة الاعتكاف.
أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فقد عزف عن الترشح تعففا، كونه يمتلك كل الامكانات ولديه الحضور الشعبي الوازن في مدينته التي كرسته السني الأول في إنتخابات عام 2018، والطريق أمامه مفتوحة ليصول ويجول إنتخابيا في كل الدوائر ذات الأغلبية السنية، لكنه آثر الانكفاء لأسباب عدة من أبرزها إفساح المجال أمام الجيل الجديد، وهذا ليس غريبا عليه فهو سبق وأقنع رؤساء الحكومات بتكليف رئيس حكومة من الجيل الجديد هو السفير مصطفى أديب، إضافة الى أن ميقاتي الذي خاض معارك إنتخابية ضارية مع لاعبين سياسيين أساسيين وكبار، آثر عدم دخول الملعب في هذا الاستحقاق للعب مع بعض اللاعبين الاحتياط.
مع إقفال باب الترشيح منتصف ليل أمس، ينطلق قطار المنافسة الانتخابية التي قد تشهد سخونة على كل الجبهات، باستثناء الجبهة السنية التي قد تبقى باردة لغياب رموز الطائفة، والعنوان السياسي والثقل الشعبي، ما سيجعل نسبة التصويت في أقلام السنّة هي الأقل بين جميع أقلام الاقتراع.
Related Posts