لطالما ردد بعض المهتمين بالشأن الخليجي، أن ″لبنان لم يكن خلال المرحلة الماضية موجودا على دفتر إهتمامات المملكة العربية السعودية نتيجة فقدانها الأمل من قياداته بعد إعطائهم العديد من الفرص، ما دفعها الى إزالة ورقته عن هذا الدفتر بشكل كامل″، لافتين الانتباه الى أن ″لبنان يحتاج الى من يساهم في إعادته الى دائرة الاهتمام السعودي″.
لا شك في أن المساعدة المالية التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، والبالغة 36 مليون دولار مخصصة لتوزيع حليب الأطفال والغذاء في لبنان ولدعم بعض المؤسسات التعليمية والرعائية والمستشفيات، قد ساهمت في كسر الجمود المسيطر على العلاقة بين لبنان والسعودية، وأعطت إشارات إيجابية عن إتجاه لدى المملكة بإعادة وصل ما إنقطع مع وطن الأرز.
يمكن القول، إن المساعدة التي جاءت عبر مركز الملك سلمان للاغاثة، كانت نتاج الاتصال الثلاثي الذي جرى قبل أشهر بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس نجيب ميقاتي الذي أبدى له بن سلمان في حينها رغبة “بفتح صفحة جديدة مع لبنان وبمساعدته للخروج من أزماته”، علما بأن التأخير في ترجمة ذاك الاتصال مرده بحسب المعلومات الى بعض الروتين والى السعي لتأمين الشفافية المطلقة ووضع برنامج واضح لتوزيع هذه المساعدات على مستحقيها.
لم تأل الحكومة اللبنانية منذ تشكيلها جهدا في سبيل إستعادة ثقة السعودية، فتضمن بيانها الوزاري التأكيد على إلتزام لبنان بأفضل العلاقات مع الدول العربية والخليجية وخصوصا المملكة العربية السعودية والتشديد على إعتماد مبدأ النأي بالنفس، وما لم يتضمنه البيان الوزاري ترجمه الرئيس ميقاتي في سلوكه السياسي اليومي حيث عمل على مبدأ “صفر مشاكل مع السعودية ودول الخليج” وسارع الى إتخاذ المواقف الداعمة للمملكة، ومعالجة بعض القضايا والمواقف المتعلقة بها وفقا للقوانين المرعية الاجراء وضمن توافق بين أطراف عدة على عدم تحويل لبنان الى عامل إستفزاز لأي من الدول العربية أو الخليجية.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الجهود التي بذلها الرئيس ميقاتي وحكومته لعدم إستفزاز دول الخليج وخصوصا السعودية، ربما ساهم في فتح ثغرة في الجدار العازل الذي حرصت المملكة على بنائه مع لبنان خلال الفترة الماضية، وبالتالي فهو نجح في إستعادة بعض الثقة التي تُرجمت بالمساعدة المالية الانسانية، وهي ربما تكون قليلة بالنسبة لعطاءات المملكة، إلا أنها تحمل رمزية سياسية بالغة الأهمية تتمثل برسالة إيجابية من خلال مركز الملك سلمان للاغاثة الذي ما كان ليفرج عن أي مبلغ مالي أو أي مساعدة للبنان لولا توجيهات القيادة السعودية.
وترى هذه المصادر أنه يُفترض بلبنان أن يتلقف الرسالة السعودية الايجابية، وأن يعمل على تعزيز الثقة لدى كل الأشقاء والأصدقاء كونه اليوم يحتاج الى تعاون الجميع للخروج من أزماته لا سيما الى دول الخليج التي يتطلع اللبنانيون الى وقوفها بجانب وطنهم الذي يعاني الأمرّين إقتصاديا وإجتماعيا وماليا وإنسانيا منذ أكثر من سنتين.
وتأمل المصادر نفسها أن يكون الرئيس ميقاتي من خلال الجهود التي بذلها على أكثر من صعيد قد أعاد لبنان الى دائرة الاهتمام السعودي وكذلك الخليجي لتبدأ الصفحة الجديدة التي حدّثه عنها ولي العهد محمد بن سلمان خلال الاتصال معه بمشاركة الرئيس ماكرون.
Related Posts
