إئتلاف ″إنتفض″ في طرابلس ″يضع العربة قبل الحصان″!… غسان ريفي

لطالما إتُهم المجتمع المدني الطرابلسي بالضعف، فهو لم ينجح من خلال تحركاته ونشاطاته ذات العناوين والأهداف المطلبية المختلفة في أن يبرئ نفسه أو أن يرد على هذا الاتهام بحشد أو بفعالية أو بحضور أو بتأثير.

كانت أكثرية إعتصامات المجتمع المدني خجولة لا يشارك فيها سوى نفر قليل من الناشطين أو أنها كانت تقتصر على من يهمهم الأمر، لذلك فقد إستمر من دون فاعلية، الى أن إنفجرت ثورة 17 تشرين الأول 2019، ونزل الشعب اللبناني بمن فيهم شعب طرابلس الى الساحات والشوارع.

وجد ناشطو المجتمع المدني في الثورة الفرصة مؤاتية للظهور وتقدم الصفوف وطرح الشعارات التغييرية، لكنهم أخفقوا في إقناع الناس التي خرجت لاحقا من الشوارع وبقي الناشطون بمفردهم يحاولون “تقريش” الجهود الثورية التي بذلوها في الساحات وتتويجها بالترشح الى الانتخابات النيابية المقبلة، في مدينة قد تكون الأصعب بين كل المدن اللبنانية في خياراتها وتعاطيها مع هكذا إستحقاقات.

بعد اللقاء الذي عقده “إئتلاف إنتفض” على مسرح الرابطة الثقافية  بطرابلس، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديوهات التي عرضت للاشكال الذي حصل في نهاية اللقاء بفعل عدم التوافق على البرنامج وعلى كيفية تقديم المتحدثين، كما إنتشرت الأخبار التي تحدثت عن تناقضات قد يصعب معها الوصول الى لائحة إنتخابية موحدة من القوى الثورية الممثلة في “الائتلاف”، ما ترك إنطباعا سلبيا حول هذه المجموعات، وإتهامات بأنها تتعاطى مع الأمور بكثير من الارتجال الذي دفع عددا من المجموعات الثورية الفاعلة الى الابتعاد عن الائتلاف والتغريد في مكان آخر.

يبدو أن “إئتلاف إنتفض” عمل على “وضع العربة قبل الحصان”، فهو تسرّع في الاعلان عن نفسه وعن توجهاته وربما كشف عن مصادر دعمه من خلال حضور منسق عام “كلنا إرادة” ألبير كوستانيان (الذي تعرض لحملة كبرى على مواقع التواصل الاجتماعي طالبته بالخروج من طرابلس).

وقد كان الأجدى بـ”الائتلاف” أن يتوافق قبل عقد هذا اللقاء على لائحة تضم 11 مرشحا في طرابلس والضنية والمنية وأن يتبنى برنامجا سياسيا متكاملا يُقنع الناخبين ويشكل لهم بديلا منطقيا في الاستحقاق المقبل.

تشير المعطيات الى أن “الائتلاف” لم يتوافق بعد على برنامج إنتخابي وسياسي موحد، كما لم يصل الى صيغة نهائية حول الأسماء التي ستكون على لائحته، خصوصا أنه يضم عدة مجموعات ثورية لكل منها مرشح أو أكثر ما يجعل عدد المرشحين أكبر بكثير من عدد أعضاء اللائحة.

هذا الواقع، قد يجعل هذا “الائتلاف” عرضة للتفجير من الداخل عندما يحين موعد غربلة الأسماء لتشكيل اللائحة، خصوصا في ظل التحذيرات التي أطلقت حول إمكانية قيام البعض بعقد إتفاقات من تحت الطاولة لاستبعاد أسماء غير مرغوب فيها، خصوصا أن المعلومات تشير الى أن ثمة إعتراضات من قبل بعض من يتصدرون هذا “الائتلاف” على أسماء محددة، الأمر الذي سيدفع المستبعدين الى الخروج منه والتوجه نحو تشكيل لائحة منافسة بالتحالف مع بعض الوجوه المعارضة، إضافة الى مجموعات ثورية ناشطة ما تزال بعيدة عن هذا الائتلاف أو رافضة له ولطروحاته، وهي قد تلجأ  الى تشكيل لائحة ثالثة، لتحتدم المنافسة فيما بينها وأيضا مع لوائح قد يشكلها بهاء الحريري أو عمر حرفوش في حال أكمل ترشيحه.

كل ذلك، سيؤدي الى تشتيت قوى الثورة وضياع الأصوات بالخلافات والطموحات وعدم التنسيق والتفاهم.

يشير بعض العارفين بالشؤون الانتخابية الى أن التوافق بين كل مكونات الثورة والمجتمع المدني ضمن لائحة واحدة في طرابلس يحتاج الى جهود مضنية أو ربما جبارة لتسويق أسمائها وإقناع الناخبين بها للحصول على حاصل إنتخابي واحد في المعركة التي من المفترض أن تشهدها المدينة، فكيف سيكون الأمر أمام لوائح ثورية متنافسة متناقضة ستأكل من صحون بعضها البعض؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal