لم يمرّ خبر إستقالة النّائب حكمت ديب من التيّار الوطني الحرّ، أمس، مرور الكرام، بل ترك وراءه أسئلة حول أسبابها وتداعياتها على مستقبل التيّار، وهل أنّ إستقالة ديب ستكون الوحيدة أم ستتبعها إستقالات أخرى، وهل أنّ عدوى الإستقالات قبل شهرين ونصف الشهر تقريباً من موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، لن ينجو منها حزب أو تيّار سياسي؟
ومع أنّ أيّ تفسير لم يصدره ديب لتبرير هذه الإستقالة، كما أنّ أيّ موقف لم يصدر عن التيّار الوطني الحرّ لشرح ما جرى، إلا أنّ تسريبات أشارت إلى وجود خلافات متراكمة بين ديب والتيّار، وتحديداً رئيسه النّائب جبران باسيل، أوصلت العلاقة بين الطرفين إلى حائط مسدود.
فخلال الإنتخابات التمهيدية التي أجراها التيّار الوطني الحرّ لاختيار مرشحيه في الدوائر كافّة، جاء ديب في المرتبة الرابعة في دائرة بعبدا التي ينتمي إليها، ما يعني أنّه بات خارج دائرة تبنّي التيّار ترشيحه، الأمر الذي رفضه ديب، واعتبر كما قال كثيرون سواه أنّ الإنتخابات التمهيدية لم تكن نزيهة، وأنّه جرى تركيبها من أجل استبعاد نوّاب ومرشحّين لصالح المجيء بآخرين.
تعتبر أوساط ديب أنّ استبعاده بهذه الطريقة أمر غير مقبول، فهو يُصنّف من المناضلين في صفوف التيّار، وردّت ما حصل إلى وجود خطّة لدى باسيل تقضي بتبنّي ترشيح متمولين على حساب المؤسسين التاريخيين للتيّار البرتقالي، وأنّ استقالة ديب ليست فقط إعتراضاً على ما يعتبره إستهدافاً له، بل رسالة إلى باسيل وقيادة التيّار بأنّ ديب لن يستسلم ولن يرفع الراية البيضاء، ولن ينسحب من السباق الإنتخابي، بل إنّه يفكّر جدّياً بالترشّح والتحالف مع مرشحين إستبعدوا أو أبعدوا أنفسهم عن التيّار.
لكنّ أوساط التيّار تقول العكس، وتشير إلى أنّ الإنتخابات التمهيدية أثبتت تراجع شعبية ديب، وأنّ الإستمرار في دعم ترشّحه يعني أن احتمال خسارته مرجّح أكثر، وأنّ التيّار من أجل تأمين فوزه بمقعد ديب قرر ترشيح آخر مكانه يحظى بشعبية أكبر منه.
واستندت قيادة التيّار أيضاً في قرارها إلى نتائج إنتخابات 2018. فعامها فاز تحالف الثنائي الشّيعي حزب الله وحركة أمل مع التيّار الوطني الحرّ بأربعة مقاعد من أصل ستّة مخصّصة لدائرة بعبدا، بينما ذهب المقعدان المتبقيان إلى القوّات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، وكشفت الأرقام حينها إحتلال ديب المرتبة الأخيرة بين الفائزين، متأخراً حتى عن زميله في التيّار آلان عون بفارق كبير، إذ حصل عون على 10200 صوتاً تفضيلياً، بينما نال ديب 4428 صوتاً.
إستناداً إلى ذلك، يدرك التيّار البرتقالي أنّ أيّ إنتخابات مقبلة، في ضوء تراجع شعبيته، ستجعله يخسر مقعد ديب، فاستبعده عبر إنتخابات تمهيدية.
إبتعاد ديب أو إبعاده ليست الحالة الوحيدة التي تُسجل داخل الأحزاب والتيّارات وهي تقف على أبواب الإنتخابات النيابية، ففي شهر آب الماضي إفترق نائب زحلة سيزار المعلوف عن القوّات اللبنانية بسبب تمايز مواقفه عن مواقف القوات، في ظاهرة يتوقع أن تكبر ككرة الثلج، وأن تزداد حالات الإبعاد والتنحّي من صفوف الأحزاب والتيّارات.
Related Posts