هل يكفي فتح الإعتمادات لجعل الإنتخابات أمراً واقعاً؟… عبد الكافي الصمد

أقرّ مجلس الوزراء، في جلسته التي عقدها أمس، فتح إعتمادات للإنتخابات النّيابية المقرّرة في 15 أيّار المقبل بقيمة ما يعادل نحو 15 مليوناً و500 ألف دولار أميركي، ما أعطى إشارة ذات دلالة عن أنّ الحكومة تسلك طريقها بجديّة نحو إجراء الإنتخابات في موعدها، برغم شكوك كثيرة ما تزال تراود كثيرين يتوقعون تأجيلها.

قرار الحكومة الأخير أزاح عقبة رئيسية من بين عقبات كثيرة ما تزال موجودة أمام وصول الإستحقاق الإنتخابي إلى خاتمته المنشودة بعد 3 أشهر. فافتقار البلد ومؤسّساته الرسمية إلى الحدّ الأدنى من المتطلبات لتسيير شؤونها، من القرطاسية إلى الورق إلى الحبر وغير ذلك، فضلاً عن أزمات أخرى لم تجد الحكومة حلاً لها بعد، مثل تأمين التيّار الكهربائي للمراكز الإنتخابية وأقلام الإقتراع على مدار السّاعة يوم الإنتخابات المذكور، وتحديداً ليلاً، وتأمين محروقات ونفقات لرؤساء الأقلام ومساعديهم وعناصر قوى الأمن الدّاخلي، وإلّا فإنّ مصير الإنتخابات سيكون في مهبّ الريح.

غير أنّ إقرار الحكومة فتح إعتمادات بالمبلغ المذكور لإجراء الإنتخابات، طرح تساؤلات وعلامات إستفهام حول أسباب التفاوت بين الإعتمادات التي أُقرت في دورة إنتخابات 2018، في عهد وزير الداخلية السّابق نهاد المشنوق، والتي بلغت 54 مليون دولار، وهو فارق لم يسأل أحد عن أسبابه، ولا دوافعه، ولا تكليف خاطر مؤسّسات الرقابة في التدقيق به على الأقل، إذا كان متعذراً محاسبة من تسبّبوا بهذا الفارق على حساب خزينة الدولة التي تعاني منذ سنوات من خواء وشحّ كبيرين.

لكن إقرار الإعتمادات المخصّصة للإنتخابات لا يعني أنّ طريقها قد أصبحت سالكة. ففي الجلسة الحكومية ذاتها دعا رئيس الحكومة ميشال عون إلى “ضرورة إعتماد مراكز الإنتخابات الكبرى “الميغاسنتر”، لتمكين المواطنين من ممارسة حقّهم الإنتخابي من دون أن يضطروا للإنتقال إلى بلداتهم البعيدة عن أماكن سكنهم، في ظلّ الظّروف الإقتصادية الصعبة، ما يؤثّر على نسب المشاركة”.

مطلب عون هذا أثار شكوكاً إذا ما كان موقفه هذا هو أبعد من تسجيل موقف حيال قضية كان التيّار الوطني الحر الموالي له، واخرين، من أبرز المطالبين بها، نظراً لأنّه يعزّز وضعهم الإنتخابي، من وجهة نظرهم، أم أنّ هذا الموقف مؤشّر على إعادة ملف النقاش حول قانون الإنتخابات إلى المربع الأوّل، وأنّ مطلب إعتماد “الميغاسنتر”، إذا تحقق، هو مدخل لمطالب وتعديلات أخرى على قانون الإنتخابات، مثل مسألة إنتخاب المغتربين، وأيضاً مطلب منح المقترعين حق إعطائهم صوتين تفضيليين بدلاً من صوت واحد، وغير ذلك من المقترحات التي من شأنها تطيير الإنتخابات وتأجيلها إلى أجل غير محدد.

هذه الهواجس التي تخيّم على الأوساط الشّعبية والسياسيّة كافة، لا تجد من يبدّدها، كما أنّ الصّمت حيالها ومقاربتها بخجل من قبل أغلب الطبقة السياسيّة، يجعلها حاضرة بقوة إلى حين تبديدها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal