ماذا يُخطّط لطرابلس؟… عبد الكافي الصمد

تكفي مراقبة الإشكالات والحوادث الأمنية التي تشهدها مدينة طرابلس بشكل يومي، وتحديداً خلال ساعات الليل، لاكتشاف أنّ المدينة تعيش تحت ضغط أمني كبير يثقل كاهلها، وأنّ ما يحصل يتجاوز المألوف عن مدينة تعتبر أي إشكال يقع فيها، يرافقه تضارب وإطلاق نار وسقوط جرحى، “أمراً عادياً”.

خلال الأسبوع الماضي، كعينة لما يجري في طرابلس، شهدت المدينة سقوط 3 جرحى في ليلة واحدة نتيجة إشكالات مختلفة، لم تتضح خلفياتها وإذا ما كانت شخصية وفردية أم سياسيّة، وهل هي عابرة أم نتيجة مخطط مرسوم يهدف إلى شيطنة المدينة ووصفها بالإرهاب، ودعشنتها وتشويه صورتها، تمهيداً ـ ربما ـ لما هو آت.

وقبل 3 أيّام هزّت المدينة 3 إنفجارات ليلية نتيجة إلقاء مجهولين قنابل يدوية في أنحاء ومناطق متفرقة من المدينة، ما أثار الرعب في نفوس الأهالي، بعدما بات مسلسل قنابل آخر الليل يعيشه المواطنون يومياً، ويتنقل من حيّ إلى أخر ومن منطقة إلى أخرى بلا أيّ عائق، وبأريحية لافتة، من غير أن يردعه أحد، أو يوقفه عند حدّه، وإزاحة هذا الكابوس الرابض على صدور الطرابلسيين.

ليل أول من أمس شهد مسلسل الأمن المتفلّت والتسيّب الذي تعيشه المدينة حلقة جديدة من مسلسل الرعب والقلق، عندما قام مجهولون كانوا على متن دراجة نارية بإطلاق النار على شخصين في محلة باب الرمل كانا داخل مقهى رصيف في المحلة، ما أدى إلى مقتل أحمد الأيوبي وهوعضو في الحزب السوري القومي الإجتماعي، وإصابة حسان العتر، وهو عسكري في الجيش اللبناني، بجروح خطيرة.

هذا الإنتقال المتدرّج في أشكال الحوادث والأعمال الأمنية بدأ يثير قلق كثيرين، خشية أن يكون ذلك مقدمة لأعمال أوسع، تبدأ من إشكالات فردية وتصفية حسابات شخصية، وحالات ثأر، وإشكالات نتيجة أعمال السّرقة والتعديات التي تكاثرت يومياً في عاصمة الشّمال، مروراً بإطلاق النّار والقنابل الصوتية من شبّان يتعاطون حبوباً مخدرة، فضلاً عن إحتجاجات وقطع السّاحات والشّوارع بشكل شبه دائم إحتجاجاً على تردّي الوضع المعيشي، وصولاً إلى أعمال أمنية تشبه حالات الإغتيال السياسي، والتي تكون عادة مقدمة لنوع أكثر خطراً من أنواع الفلتان الأمني، والتسيّب على كلّ المستويات.

وما يثير القلق أكثر أن طرابلس التي لطالما اعتبرت وجرى التعامل معها على أنّها صندوق بريد يتم فيها تبادل الرسائل الأمنية المتفجّرة، تعتبر من المناطق الرخوة في المجال الامني، كما هو حال منطقة الطيونة بين الشيّاح وعين الرمانة، والتي كادت الأحداث الاخيرة التي شهدتها أن تشعل حرباً أهلية جديدة، من المنطقة نفسها التي اندلعت فيها حرب عام 1975 المشؤومة.

ما سبق يشير إلى أنّ أيّاماً صعبة ومعقدة تنتظر طرابلس ومثيلاتها من المناطق الأمنية الرخوة، ما لم يتم إيجاد حلول سياسية لمشاكل البلد، الذي يجري فيه تسييس كلّ شيىء تقريبا، حتى الهواء الذي يتنشقه اللبنانيون.


Related Posts


  

Post Author: SafirAlChamal