ليست حالة طارئة وغير مسبوقة ما يحصل مع الطائفة السنيّة الكريمة إثر ″صدمة″ إعلان زعيم تيار المستقبل الرئيس السابق للحكومة النائب سعد الحريري تعليقه العمل السياسي والإنتخابي بالنسبة لنفسه ولجميع كوادر تياره. فهذه الحالة قد إختبرتها فئة من اللبنانيين في العام 1992 عندما قررت مجموعة من الطوائف المسيحية (المارونية تحديداً) الإعتكاف عن الإنتخابات النيابية ترشيحاً وإقتراعاً بمباركة رأس الطائفة آنذاك البطريرك الراحل الكاردينال نصرالله صفير.
يومها وقف بقية اللبنانيين حيارى على ما يحصل: فئة من الموارنة انفسهم قررت المشاركة نكاية واستطاعت إيصال نواب بأربعين صوتاً فقط، وفئة من اللبنانيين أبدت فرحها بما يجري لأنها ستكون مستفيدة من تكوين أكثرية لصالح الحكم آنذاك. أما الفئة الثالثة فوقفت حزينة على خروج جماعة من خيمة الحكم محذرة من تكرار التجربة التي لن تكون في صالح بناء الوطن.
اليوم تكررت الحالة: فهناك من يهيئ نفسه للإنقضاض لملء الفراغ، وهناك من “يضحك في عبّه” أنه سيكون مستفيداً في تكوين أكثرية تكون لها كلمة فصل في توازنات الوطن، وفئة ثالثة حزينة في داخلها لأن مكونات الوطن تتحلّل وتتناثر بما يخدم كل من يفكر سوءاً بالبلد وأهله!
يروي الصديق الدكتور إيليا إيليا الذي زار سويسرا منذ بضع سنوات كباحث أكاديمي أن الإتنيات الثلاث التي تتقاسم الحكم في تلك البلاد والتي تناحرت لسنوات عديدة، قبل أن تتوافق على إدارة البلاد بدون استبعاد أي منها، أنه إذا صودف أن إحدى المجموعات قد قررت الإنكفاء لسبب إقتصادي أو سواه تسارع الإثنتان إلى مساعدتها وحل مشاكلها، لأن إبتعادها سيؤدي إلى إنهيار التركيبة، وقد يعيد الوطن إلى أجواء الصراع.
صحيح أننا ثمانية عشر طائفة ولكننا كنا نفتخر بتسمية بلادنا “سويسرا الشرق”. أفلا يجب أن نتشبه بالأصل كي لا نخسر تركيبتنا ووجودنا؟ أما إذا استمرينا على هذا المنوال من محاولات إلغاء بعضنا البعض بسبب أو بدونه، أو التفرج بسخرية على ثالثنا، إذا تعثر أو حملته الظروف على التلكوء. فإننا وبدون شك سنصل إلى مرحلة سنبكي جميعأً كالنساء على وطن لم نحافظ عليه كالرجال!..
Related Posts