أبدى المواطنون ارتياحاً مشوباً بالحذر للتراجع الكبير في أسعار الدولار وبنسبة قاربت الثلاثين بالمئة في أقل من اسبوع، في حالة شبه نادرة إزاء حركة التبادل في العملات قد تكون فريدة من نوعها عالمياً، طارحين العديد من الإسئلة حول أسباب ما يجري والخلفيات والتداعيات، التي تتقدم فيها السلبيات على الإيجابيات في كل الظروف!
السؤال الذي تصدّر المشهد هو: “إذا كانت لدى مصرف لبنان يد طولى في هذا التراجع الإيجابي الحاد نتيجة القرارات والتدابير التي إتخذها، فمن دون شك إذاً، كانت عليه مسؤوليات كبيرة أثناء الصعود غير المنطقي للعملة الأميركية في مهلة قصيرة، فلماذا غض المصرف المركزي الطرف أو باللغة المتداولة “طنّش” أثناء صعود الدولار ويدّعي البطولات في تراجعه؟
أين كانت وزارة الإقتصاد ومصلحة حماية المستهلك وكل ما يمت اليهما بصلة، عندما كان التجار يقفلون متاجرهم مرة، وربما مرتين في اليوم الواحد، من أجل رفع أسعار البضائع الموجودة لديهم تحت عنوان إنهيار سعر العملة الوطنية، وهم اليوم يتشبثون بنفس الأسعار (التي يدّعون انهم اشتروا بضائعهم على سعر خمس وثلاثين الفاً للدولار)، ويوهمون الناس أنهم يخفضون الأسعار بنسب محددة، بالرغم من أن سعر الدولار بدأ بالتراجع منذ ثمانية أيام؟ وقد يستغرق الأمر معهم شهراً وربما أكثر ليبدأوا بالتخفيض البطيء، ويعودون إلى الأسعار التي كانت قبل الإرتفاع الكبير!
قد تكون هناك فئات متضررة من هذا التراجع ولكن بالتأكيد ان الشرائح الواسعة من اللبنانيين الذين كانوا يُصنفون في خانة الطبقة المتوسطة والفقراء سيدفعون الثمن صعودا وهبوطاً لأنهم لم يكونوا من المستفيدين يوماً، بل كانوا يدفعون “دم قلبهم” و بـ “لحمهم الحي” لكي يؤمنوا الحد الأدنى من قوت عيالهم، والحليب لإطفالهم، والطبابة لمرضاهم، والتعليم لإبنائهم. في وقت صادرت فيه المصارف اموالهم تحت نظر وبإجراءات مباشرة من المصرف المركزي. وتعطيهم حقوقهم بالقطارة بدون أن يكون هناك من يحاسب أو يفتش عن المسؤول. وإذا غامر أحد المودعين بلفتة يعتقد أنها ستعيد له حقوقه فمكانه سيكون السجن والملاحقة لأفراد عائلته، لأن “القوانين” تفرض ذلك.
يقول المثل الشعبي: “يضحك كثيراً من يضحك أخيراً”. صحيح، ولكن بالتأكيد هذه المرة لن يكون المواطن اللبناني هو الذي يضحك بل من يَضحك عليه، أثناء صعود الدولار وأثناء هبوطه، وما علينا سوى الإنتظار على ضفة نهر الأزمات!
Related Posts