عاد الرئيس سعد الحريري فجر أمس إلى بيروت، بعد غيابه أسابيع عدّة في الخارج، واستعادت الحركة السّياسية معه زخماً ونشاطاً ملحوظين، لكن الأسئلة التي واكبت هذه العودة كانت كثيرة، من غير أن تجد أجوبة عليها، بانتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من مواقف وتطورات.
قبل هذه العودة كان نوّاب وكوادر تيّار المستقبل يردّون على من يسألهم عن موعد عودة الحريري إلى لبنان بالإجابة أنّ هذه العودة يحدّدها هو شخصياً، وليس أيّ شخص آخر، وأنّهم لا يملكون إجابة عن هذا السّؤال. أمّا بما يتعلق بالإنتخابات النيابية وهل أنّ الحريري سيترشح لها أم لا، بعد تسريبات ترجّح إحتمال عزوفه عنها، فإنّ إجابة المقربين منه كانت أنّ “تحديد موعد هذه الإنتخابات ستجعل الحريري يعود إلى لبنان، ويعلن موقفه منها”.
السّاعات الماضية لم تحمل أيّ إجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، بعدما فضّل الحريري عدم التعليق عليها، لا سلباً ولا إيجاباً، عدا عن عدم إدلائه بأيّ تصريح بعد لقاءات عدّة عقدها وزيارات قام بها، مبقياً الغموض قائماً حول موقفه من الإستحقاق الإنتخابي، كما ترك نوّابه وكوادره وقاعدته الشّعبية حيارى يقفون على قارعة الإنتظار أياماً وأسابيع إضافية.
وسط هذا التكتم والغموض صدرت تسريبات عن مقرّبين من الحريري أشارت إلى أنّه يرجّح بأنّ يعلن موقفه من مشاركته بالإنتخابات النيابية، في الكلمة التي يُنتظر أن يلقيها في 14 شباط المقبل، بمناسبة ذكرى اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري.
غير أنّ الأوساط السّياسية، وتحديداً أوساط تيّار المستقبل، تلقت بعد ساعات قليلة من عودة الحريري إلى لبنان، مفاجأة تمثلت بإعلان رئيس الحكومة السّابق والنّائب الحالي عن بيروت، تمّام سلام عزوفه عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة، وسط تساؤلات حول إنْ كان هذا العزوف موجّه إلى الحريري تحديداً، تعبيراً عن إستياء سلام وسواه من تراجع شعبية تيار المستقبل في بيروت والمناطق، والأزمات الداخلية التي يعانيها، أم أنّ هذا العزوف تم تنسيقه مسبقاً بين سلام والحريري وسوف يكون مقدمة لإقدام الحريري على خطوة مماثلة.
وفي حين بدأت تسريبات تتحدث، منذ عودته، عن أنّ الحريري سيعزف عن الترشّح للإنتخابات، تاركاً لتيّاره ونوّاب كتلته ومرشّحي التيّار خوض الإنتخابات النيابية المقبلة بالتحالف مع قوى معينة أو عدم التحالف، حسب مصالحهم الإنتخابية، فإنّ الأيّام المقبلة وحدها سوف تحدد هذا الموقف على نحو نهائي، وإنهاء الحيرة والجدل القائمين حول موقفه.
لكنّ مراقبين وأوساط سياسية مختلفة رأت أنّ هذا اللغط حول موقف الحريري من الإنتخابات النيابية المقبلة، والإرباك الذي يعيشه، ينسحب على جميع الأحزاب والتيّارات السّياسيّة بلا استثناء، وإنْ بنسب متفاوتة، ما يُبقي خيار تأجيل إجراء الإنتخابات النيابية قائماً وبقوّة، لأنّ السّاحة اللبنانية لا تحتمل تحت أيّ ظرف غياب مكوّن رئيسي فيها عن خوض إستحقاق هام كالإنتخابات النيابية، هو تيار المستقبل، كما أنّ هذه السّاحة أيضاً لا تحتمل أن يُمنى تيّار المستقبل وبقية الأحزاب السّياسيّة خسارة متوقعة في الإنتخابات المقبلة، وتريد إبعاد هذه الكأس عنها، وفق ما تؤكد أغلب إستطلاعات الرأي.
Related Posts