في ظل تدافع الأزمات فوق رؤوس المواطنين الذين ينامون على ضيم ويستفيقون على أعظم منه، يستمر النقد الوطني في تلقي الصفعات اليومية بمواجهة العملة الخضراء الأميركية، ومعها تَجُن اسعار السلع بكل تفاصيلها وامتداداتها، بينما يقف المواطنون ولاسيما الموظفين منهم في القطاعين العام والخاص مذهولين إزاء ما يصل إلى أيديهم من الليرة اللبنانية التي كانت تساعدهم على التصنيف في خانة الطبقة المتوسطة، وتحولت تلك العملة، التي كانت من أقوى العملات، إلى أوراق “صفراء” لا قيمة لها، وبات الراتب الذي كان مليون وخمسمئة الف ليرة (يساوي الف دولار اميركي) موازياً لا بل أقل من فاتورة مولد الكهرباء!
وفي حين يسعى المواطن لتمرير الأيام عسى المقبل منها يحمل فرجاً من جهة ما، يقف مشدوهاً أمام ما يصله من أخبار “دولته العلية”، فوزير الطاقة يمرّر بين التصريح والآخر أن “مصالح المياه” ستضطر لرفع سعر المتر المكعب من المياه (التي لا تصل في أغلب الأحيان إلى المنازل الاّ مرة واحدة في الاسبوع ولمدة ساعة فقط) بمعدل ثلاث أو أربع مرات حتى تستطيع إكمال مهمتها. وبأن “مؤسسة كهرباء لبنان” وبناء على دراسات معمقة مجبرة على رفع سعر الكيلوواط الواحد عشرين مرة من اجل تغطية عجزها الذي كاد يوصل الدولة إلى الإفلاس.
ووزير الإتصالات رفع الصوت بوجوب زيادة اسعار الانترنت وكل ما يتصل بها حتى لا تصل الوزارة إلى مرحلة تشبه فيها وزارة الطاقة، وتتحول إلى عالة على الدولة بدل ان تكون رافداً محورياً لماليتها.
والأمر بالتأكيد سينسحب على الهاتف وميكانيك وتسجيل السيارات.. وسواها من المصالح التي ترتبط بشؤون الناس ناهيك عما يواجه المواطن بالنسبة للدواء والمستشفيات التي تحولت إلى مقرات لإغنياء القوم فقط لاغير.
وإذا كان كل ذلك متوقع وبديهي بالنسبة لإنهيار العملة الوطنية، فماذا عن رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص التي تدور في حلقة مفرغة ولا أحد في الدولة اللبنانية يفكر حتى الساعة في ردم الهوة التي حدثت حتى الساعة؟، وهل بإمكان هذه الفئة من المجتمع ان تتحمل أكثر؟.
بعض السياسيين الذين يطرحون نظريات الحلول، وصفوا ما يحصل بأنه “مذبحة حقيقية بحق اللبنانيين” الذين لا يبدو أن لديهم أية حيلة سوى تلقي الضربات واللكمات من كل الإتجاهات، وممنوع عليهم رفع أصواتهم للمطالبة بتعديل الأجور لأن ذلك قد يسبب تضخماً و”إفلاساً للدولة” كما تردد عند تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب في العام 2017 حيث قيل أن تلك السلسلة قد أدت إلى “خراب البصرة” متجاهلين ان خراب تلك البصرة قد حصل حين نهب أصحاب الشأن الأموال العامة في ظلام التنفيعات والتلزيمات، وحين هربوا اموالهم الى خارج الوطن لتمسك المصارف برقاب المودعين لديها!..
Related Posts