اللبنانيون الذين انتظروا ثلاثة عشر شهراً على جمر الأزمات، لتأليف حكومة تنقذهم مما آلت إليه احوالهم المعيشية والمالية والاجتماعية. صُدموا لأن الحكومة التي علّقوا عليها بعض الآمال لانتشالهم مما هم فيه، باتت تقف متفرجة على المستجدات لأن التطورات الأمنية والقضائية والسياسية كانت كفيلة بشل صلب عملها قبل طلوع فجر إصلاح ما تم تخريبه (لا بل تدميره) من مقومات الوطن والدولة خلال العقود القليلة الماضية!
فبينما الناس محبطة وباتت تعيش ليومها وتركض في كل إتجاه، لتأمين قوتها وحاجاتها المعيشية اليومية لا أكثر. لا ينام السياسيون الليل والنهار من أجل ترتيب أمورهم الإنتخابية، غير آبهين بما يدور خلف أسوار البيوت، وإذا استفاقت أريحيتهم فأنهم يتصدقون على الرعية بفتات خبزهم الذي يتساقط عن موائدهم!
وفيما المواطنون يضربون أخماسهم بأسداس لتأمين أدويتهم (إذا وُجِدت في الصيدليات) التي إرتفعت اسعار معظمها عشرات المرات، ينتقل المسؤولون من لجنة إلى لجنة، ومن إجتماع هشّ إلى آخر، للبحث منذ سنتين في تأمين الأدوية أو لمعالجة الفوارق بين الجهات الضامنة والمستشفيات والتي تحولت إلى شبه مقصلة على رقاب المرضى الذين عليهم تأمين الأموال المطلوبة قبل ولوجهم أي باب لمؤسسة صحية، ولكن البحث والدرس والتمحيص لدى أصحاب الشأن ما زال مستمراً من دون أفق!
وبينما تصطك سلفاً أسنان أهل الدار ولاسيما في المرتفعات والجبال استعداداً لفصل الشتاء الذي يصلّون كي لا يكون قاسياً، بسبب غلاء المحروقات الذي فاق كل التوقعات، وارتفعت معه أسعار الحطب عشرات المرات وباتت بالملايين. لا يتنازل السياسيون والمسؤولون عن التباهي بفخامة وحداثة الآليات التي “يمتطونها” أو بعدد آليات الموكب الذي يرافقهم، (ولعل آخر جلسة لمجلس النواب في الأونيسكو اكبر نموذج عن تلك المشاهد)، وإذا تم التفتيش عن ماهية تلك اللقاءات يتبين بوضوح أنها لا تنتج الاّ مزيداً من التشنجات والخلافات والانقسامات بين أهل السلطة من دون أن ترف جفونهم على ما يستجد خارج أسوار قصورهم!
“الغريب” أنه وبالأمس تحديداً، إستفاقت أريحية أحد “كبار القوم” فغرّد تعليقاً على حيثيات جلسة مجلس النواب: “بأن هدف معظمهم هو تحقيق الأكثرية في المجلس النيابي، وهوية الرئيس الجديد، والمعلبة بمعارك مفتعلة، في حين أن هواجس الناس وأوجاعها في مكان آخر”!
وبذلك شَهِد شاهدٌ من أهله! (فهل ذلك سيقدّم أو يؤخر فيما هو قائم، أو أن هناك من سيسمع)؟
Related Posts