يبدو ان ثمة قناعة بدأت تترسخ لدى التيارات والاحزاب السياسية حول ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت انطلاقا من الثوابت التي اعلنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجهة عدم تدخل السياسة بالقضاء، والحفاظ على مبدأ فصل السلطات، وعدم ازاحة او استبدال المحقق العدلي طارق البيطار بالقوة او تحت الضغط، وعدم قيام الحكومة بسحب مرسوم تحويل قضية المرفأ الى المجلس العدلي، وان يعالج القضاء ازماته بنفسه بمعزل عن اية تدخلات، والاستمرار بالتحقيقات لمعرفة الحقيقة، فضلا عن تأجيل انعقاد مجلس الوزراء الى حين حصول التوافق السياسي على المخارج القضائية التي سيتم طرحها.
لذلك، تتجه الانظار الى مجلس النواب الذي ببدأ اليوم عقده العادي، حيث من المفترض ان يملأ المراكز الشاغرة فيه، وان يناقش ملف الانتخابات النيابية بما يتعلق بالمهل الدستورية وتحديد موعد نهائي للاستحقاق في 27 آذار او في 8 ايار من العام المقبل، فضلا عن مناقشة بعض البنود في القانون ولا سيما الكوتا النسائية وتصويت المغتربين.
تشير المعطيات الى ان مجلس النواب قد يناقش ملف القاضي طارق البيطار من خارج جدول الاعمال حيث سيكون المجلس امام ثلاثة خيارات، فإما ان يشكل لجنة برلمانية لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الامر الذي قد يتعارض مع وجود محكمة عليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء مؤلفة من عشرة نواب وعشرة قضاة، او اتخاذ قرار بتفعيل هذه المحكمة وتجاوز آلياتها المعقدة لتباشر عملها بشكل فوري، او ان يتقدم احد النواب بقانون معجل مكرر لانشاء هيئة عدلية مهمتها النظر في تحقيقات المحقق العدلي والبت بالطعون المقدمة.. لكن هذا القانون يحتاج الى توافق سياسي يعمل البعض على بلورته، وكان اول الغيث موافقة وليد جنبلاط عليه بعد زيارته الرئيس نبيه بري في عين التينة امس، حيث قال ردا على سؤال حول مخرج الهيئة العدلية: “اذا كان الامر يخرجنا من الدوامة التي نحن فيها لم لا”.
في المقابل، ثمة اقتراحات عدة على الصعيد القضائي لكنها لم تلق القبول السياسي بعد، ومن بينها تكليف وزير العدل النظر بالملاحظات التي تقدم حول تحقيقات القاضي بيطار، او ان يتولى التفتيش القضائي الاشراف المباشر على التحقيقات، او ان يعقد مجلس القضاء الاعلى اجتماعا يوم الخميس المقبل مع القاضي بيطار ويستمع اليه ويبدي ملاحظاته حول سير التحقيقات.
لكن يبدو ان هذه الاقتراحات لن تبصر النور خصوصا انها لا تبدل من المشهد القضائي بشيء خصوصا ان الاستقلالية التي يتمتع بها المحقق العدلي تخوله عدم الالتزام بأية قرارات قد تصدر في هذا الاطار، مستفيدا من قانون المحاكمات الجزائية الذي يقول ان قرارات المحقق العدلي لا ترد.
لذلك يبدو ان تشكيل هيئة عدلية بقانون معجل مكرر في مجلس النواب يبقى الاقرب الى المنطق في حال استكمل حوله التوافق السياسي.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون ما سيصدر عن مجلس النواب سواء في ملف الانتخابات او في ملف المحقق العدلي، برز تطور جديد تمثل بالتصعيد غير المسبوق للسيد حسن نصرالله تجاه حزب القوات اللبنانية ورئيسها الامر الذي قد ينعكس توترا في مجلس النواب بين كتلة الجمهورية القوية وبين كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير خصوصا بعدما وصل مستوى التصنيف بينهما الى مرتبة “العدو” الامر الذي قد يكون له انعكاسات سلبية على سير الجلسة او ربما يؤدي الى تعطيلها في حال لجأ اي من الطرفين الى فتح ابواب الاشتباك.
Related Posts