تتفاعل قضية القاضي طارق بيطار ككرة نار، تأكل في طريقها الحلول والتسويات، وتضع البلد المأزوم من شماله الى جنوبه على صفيح اكثر سخونة، وتضع الحكومة الحديثة العهد أمام مأزق لن يكون الخروج منه سهلا حتى بوجود الرئيس نجيب ميقاتي “مدوّر الزوايا”.
وما تأجيل جلسة مجلس الوزراء البارحة سوى خطوة استباقية لمنع الانفجار السياسي في ظل ما رشح عن نية الثنائي الشيعي الانسحاب في حال لم تتخذ الحكومة قرارا بتنحية القاضي البيطار، ما يعني تطيير ميثاقيتها.
المخارج القانونية والفتاوى كثيرة، في وقت يرفض فيه عدد من نواب البرلمان اللبناني استجواب زملائهم من جانب القضاء العدلي، مطالبين بمحاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في حين تطرح في المقابل صيغ قانونية لتنحية القاضي البيطار.
ولا يخفى على احد ان المروحة القانونية في لبنان مطواعة للقرار السياسي بغض النظر عن هول جريمة المرفا والإصرار الشعبي على الحقيقة والعدالة.
قد يكون سُحب فتيل الاشتباك عن طاولة مجلس الوزراء، لكن الشارع بدأ يتفلّت رويدا رويدا على كل الجبهات، وترفع المتاريس مع انكشاف الاوراق..
“امل” تحركت باحتجاجات ليلية رفضا للتحقيق مع وزيرها المدلل علي حسن خليل…واليوم دعوات للتظاهر ايضا…
ودخل سمير جعجع على خط المواجهة المباشرة مع حزب الله بتصريحات صبت الزيت على النار، مؤكدا رفض القوات اللبنانية اقالة القاضي البيطار، وعارضا عضلاته “الشارعية” بالتشديد على ان “في مقابل الشارع هناك شارع آخر”…
لكن نصيحة جعجع لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الى تحمل مسؤولياتهما و”الصمود” في وجه حزب الله، جاءت متأخرة في وقت كان الرجل وطيلة العهد يصوب على عون لاضعافه وليزرع العصي في دربه.
والمفارقة الاخرى انه اكثر المتحمسين للدعوة لاضراب عام تأييدا للقضاء وللقاضي بيطار، وهو محكوم بالاعدام المخفف الى السجن المؤبد من قبل أعلى هيئة قضائية في لبنان، وقد حصل قبل سنوات على عفو خاص غير قانوني وغير شرعي أصدره المجلس النيابي!
قضية البيطار أصبحت كصحن “المازة الذي يمرغ الجميع يده فيه كل بحسب متطلبات شهيته الانتخابية. ولن يبقى في ظل هذا الجو المشحون لبناني ضال عن زعيمه، وسيحرص كل الفرقاء على تأمين حد ادنى من التخويف والتخوين والتهويل لشد العصب الطائفي بهدف تطويع ناسهم تمهيدا لعودتهم كلّ الى قطيعه ما سيضمن بقاءهم الحميد في الحكم.
الكل يعدّ العدة للانتخابات من خلال استغلال قضية البيطار، في المقابل اولوية حزب الله هي التمسك بتنحية البيطار قبل الحديث بأي موضوع انتخابي.
فكم قاض سيقتلع بعد في انتظار ان تأتي نتائج التحقيق مطابقة لتطلعات الجهة الاقوى؟
هي قضية “يا غالب يا غالب”،
ليبقى المغلوب الوحيد فيها هو الشارع الذي يغلي على وقع أزمات لا حلول لها امام ارتفاع الدولار الجنوني وغياب الحلول…
Related Posts